للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغلظ حرمة من عورة الرجل استحب تعجيل ختان الصبية أشد ما يستحب من تعجيل ختان الصبي احتياطًا بها ومبالغة في حفظها وضربها عن الكشف والله أعلم.

وقد يجوز أن يكون استحباب خفض الجارية قبل الغلام، لأن الجارية أسرع كائنًا للزوج من الغلام للزوجة. فإن العادة أن بلوغها يتقدم بلوغه، والخفض فيما يقال أحد أسباب النشوء والنمو، فكان تعجيله في الجارية عن باب إعدادها للزوج، فلذلك استحب أكثر ما يستحب من تعجيل خفض الغلام والله أعلم.

وأما حد الختان في الصبيان فإظهار الحشفة كلها، فإن قصر الخاتن عن ذلك عاد فقطع ما ترك، لأن الأحكام المعلقة بالحشفة متعلقة بجميعها، وإظهار ما يقطع ما يواريها أحد الأحكام المتعلقة بها. فاقتضى ذلك منها جميعًا. فأما الصبية ففيها حديث، روى عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أم عطية، إذا خفضت فاسمي ولا تهتكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى للزوج) وإذا أفرد الختان عن الذبح، وحلق الرأس، وأخر إلى يوم آخر، استحب عنده الإطعام لما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يطعم على ختان الصبيان. وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه أنه ختن ابنته، فأرسلت إليه عائشة بمائة درهم فقالت: أطعم بهذا. وعن سالم بن عبد الله رضي الله عنه قال: ختنني أبي ونعيمًا، فذبح علينا كبشًا. ولقد رأيتنا وأنا لنجدل به على الغلمان إن ذبح علينا كبشًا.

فإن قال قائل: ما أنكرتم أن طعام الختان مكروه، واحتج بأن عثمان بن أبي العاص دعا إلى ختان، فأبى أن يجيب، وقال: كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نأتي الختان ولا ندعى له.

قيل: في هذا الحديث أنه دعي إلى الختان، وليس فيه أنه دعي إلى الوليمة، فكأن القوم أرادوا أن يشهدوا الختان أن يدعوا إليه أمام الناس، فقال: لم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>