للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أن الضمان لم يجب في هاتين المسألتين، لأن الختان غير فرض لا زال الضمان في باب الحد، لأنه فرض. ولكن لمعنى آخر: وهو أن من ارتد أو سرق أو حتى خيانة، فوجب حدًا، فهو الجالب للعقوبة إلى نفسه بصنعه. فإذا أقيمت عليه في أي وقت كان مكانه تولي ذلك بنفسه، فكذلك سقطت البيعة عمن أقامها عليه.

والختان وإن كان فرضًا فلا صنع للصبي في وجوبه عليه وإنما هو عبادة مبتدأة، خوطب فيها وليه فيه ما دام صغيرًا وهو في نفسه إذا كبر، فلم يجز إذا تولى ذلك عليه من لا ولاية له، أن يجعل كالمباشر ذلك من نفسه، بأن كان الأشبه أن تكون العهدة على المباشر الذي كان المخاطب بالفرض غيره، فلم يجعل الأمر فيه إلى رأيه وتدبيره، لكن تولى منه ما ظهر خطأه فيه من قبل الحال، والوقت والفعل وإن قصرت نفسه عن إيجاب الضمان، فقد يصير سببًا له من قبل الوقت.

ألا ترى إن وطئ الزوجة في جنبه لا يتسع لإيجاب فدية ولا كفارة، ولكن إذا وقع في إحرام أو صيام مخصوص عرضي للضمان، كما قد يعرض عدم الملك للضمان، وما ذلك إلا من قبل الوقت، فلذلك هاهنا والله أعلم.

وأما كراهة تأخير الختان إلى الإيعاز، فإن التلفة تعرض الإبانة كما أن الزوال ما يحدث بعرض البينونة وليست واحة منهما الدوام، فكره أن يؤخر إبانة ما هو بغرض أن بيان بعد توخيه الأمر به إلى أن بين ما هو بعرض البينونة نفسها، وألحق ذلك بالتفريط والله أعلم.

وأما أن حفظ الجواري ينبغي أن يكون أسرع، وذلك إذا أخر عن السابع بعذر من الأعذار، وعن الحادي والعشرين، فلأن الصبية كلما كانت أصغر كانت حرمة شعرها وبشرها أخف، والأمر في تكثيفها عنها أهون، وإن كان شغلًا تتولاه فيها امرأة. فإنه إذا أمكنت صبابة واحدة أن تنظر أخرى إلى فرجها بعدما كبرت، بأن تعالج منها ما تحتاج إلى مصالحة في حال الصغر، فذلك أولى من أن يؤخذ أمرها إلى أن تترعرع وتكبر ويدخل في حد من يغار ويستر. وهذا المعنى بعينه يوجب تعجيل ختان العلماء، قبل أن يترعرعوا أو يدخلوا في حد من يغار، ويؤخذ بستر نفسه إلا أن عرعرة المرأة لما كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>