للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق الوالد أن يعلم ولده من أمر دينه ما يجهله، لما ضرب لنفسه المثل بالوالد عندما أراده ومن التعليم.

وعنه صلى الله عليه وسلم (مروهم بالصلاة ابن سبع، واضربوهم عليها ابن عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع). وإنما أراد بذلك أن لا يفتن بعضهم ببعض. فترسخ تلك الفتنة في قلوبهم فتصير ذريعة إلى أمثالها وأخوتها.

وأيضًا فإن على الوالد أن يمون وله ما كان محتاجًا إلى مؤونته، لأنه لا يحيى إلا بها، فأولى أن يحمل كلفة تعليمه برثاء ذنبه، إذ كان لا ينتفع بجفائه إلا أن يكون سالمًا متأدبًا، وما يخشى من ضرر إهماله أعظم مما يخشى من ضرر حبس النفقة عنه، لأن أكثر ما في حبس النفقة عليه أن يموت، وضرر الإهمال أفظع منه، لأنه يخشى عليه أن يوره الجهل غمرات لا يخرج منها إلا إلى النار. فإذا ألزمه دفع أقل الضررين عنه، كان دفع أعظمها له ألزم.

وأيضًا فإن الوالد اكتسب والولد بإجباره وهو نسمة مثله. فما لزمه من فرض في نفسه لزمه مثله في ولده. ولهذا إلزامه أن ينفق عليه كما ينفق على نفسه. وكذلك تعليمه ما لزمه أن يتعلم، ومنعه ما لزمه أن يمنع عنه نفسه ويروضه بما ينبغي أن يروض به نفسه ويرشده إلى الكسب. وتدبير المعاش، كما سيرشد غيره من ذلك إلى ما يجهله ليتوصل به إلى السعي على نفسه إذا بلغ، وإن رزقه الله تعالى جده إلا علمه وجه الأمر في إصلاحه، والقيام عليه ولم يفسده. ألا ترى أن الله عز وجل: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم}. ولو لم يكن على ولي اليتيم أن يعلمه قبل البلوغ تدبير المال بلسانه، وإحضاره المعاملات واطلاعه عليها لما قدر على ابتلائه إذا بلغ.

وروى عن ابن رافع رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، للولد على الوالد حق كحقنا عليهم. قال: (نعم، حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتاب والسياحة والرمي

<<  <  ج: ص:  >  >>