للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن يؤدبه صبيًا). وقال صلى الله عليه وسلم: (رحم الله والدًا أعان ولده على بره) يحتمل أن يكون المعنى أن يعلمه ويهديه. فأول ذلك أن يحفظه إذا صار ممن يطعم ويشرب حتى لا يتناول إلا ما يعطى من الحلال ويجنبه الحرام أصلًا. فلا يصيبه ولا يتعهد إذا قدر على الكلام، ولا يتعلم الحياء والبذاء والفحش ولا يعودها لسانه. ويعلم الصبية الهرب من الرجال الأجانب، ويمنعها عن الدنو منهم ومكالمتهم، ويحجرها عن الاختلاط بالكوافر ومحادثتهن، وإظهار زينتها لهن.

ويمنع الذكر والأنثى من ولده من مخالطة أهل الفساد من الرجال والنساء ومن يتحدث عندهم بأحاديث أهل اللهو والباطل، ويشدهم الغزل والخمريات والأشعار المحدثة التي ما يقصدها إلا التطريب وإفساد القلوب، ومن يرفقهم على الملاعب والملاهي، ويجعل بينهم وبين هذه الطبقات ردمًا، فلا يحدثون لهم بشيء من هذه الخطيئات علمًا. ومن بلغ منهم حد التعلم علمه القرآن ومن السنن والأحكام ولسان العرب ما لا يستغنى عنه.

وإذا تأدب ودرى ما يسمع، سمعه النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين له. ويأمره بالصلاة ابن سبع بعد أن يعلمه إياها، والوضوء وكل ما لا تتم الصلاة إلا به. ويضربه على تركها في عشر. وإذا ارتقيا عن الظفر له لم يبرزا إلا مستوري العورة، لبسا أعلى ذلك ولا يعرفا غيره. وإذا قدر على الصيام من حيث لا يجهد فيها، ولا يضر بهما، عودهما الصيام في شهر رمضان. فيأمرهما أول مرة بصيام نحو عشرة أيام منه متفرقة، وفي السنة الثانية نحوًا من عشرين، كما يتم من متابعة أو تفريق، وفي السنة الثالثة بصيام الثلثين كله ولا يرد سائلًا عن أعينهم ليدربوا على الاتصال، ولا يردوا سائلًا إلا بنوال، ويكثر ذكر الله بمشهدهم، ويصف لهم عظمته وقدسه وملائكته ورسله، ويخص نبينا صلى الله عليه وسلم باكبار الصلاة عليه، والتعظيم له والتحدث بأخلاقه وشمائله، وكل ما يجيئه إلى من يسمعه، والبشر لآياته وبيناته بحضرتهم ليرسخ ذلك في قلوبهم، ويديم وصف ما في الجنة من ألوان النعيم. وفي النار من العذاب الأليم. ويشوقهم إلى الجنة ويحذرهم النار ليفقوا الوعد والوعيد بذلك في صدورهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>