للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا بلغ أحدهم حد العقد عرف الباري جل جلاله إليه الدلائل التي توصل إلى معرفته من غير أن يسمعه من مقالات الملحدين شيئًا. ويذكرهم له في الجملة أحيانًا ويحذرهم آباءهم، وينفر عنهم، ويفهم إليه ما استطاع. ويبدأ بالدلائل الأقرب للأجل، ثم بما يليه، ولا يعمد أن يفاتحه بالغوامض فيعمر منها قلبه، وينفر في بدء الأمر طبعه. وكذلك يفعل بالدلائل على نبينا صلى الله عليه وسلم بهدية فيها إلى الأقرب والأوضح، ثم الذي يليه. وإن لم ينصره إلا دليل واحد على التوحيد والرسالة جاز إذا كان ذلك مقنعًا، وإذا بلغ عليه الخطاب لغته الشهادة، يكون مسلمًا بإسلام نفسه، وأعلمه أن عليه أن يولها، فإن عيله أن يتعلم أحكام الله، وينتصر بشريعته الإسلام، ويميز الحلال من الحرام، ويختار له أوفق من في البلد وأعلمهم وأنضجهم وأعلمهم بما يعلم، فيأمره أن يأخذ عنه ويتعلم منه. ومن بدأ بتعليمه القرآن من الصبيان، فإنه إذا صار ممن يميز أخذه بتعظيم مصحف القرآن، ولم يرض منه بأن يحمل فوقه كتابًا أو ثوبًا أو شيئًا ما كان، ولا أن يمسح اللوح الذي فيه برجله، أو يطرحه عليه من تراب الطريق ويأمره بأن يغسله بالماء، ويدربه على أن يرفع المصحف فوق كل شيء، ولا يرفع فوقه شيئًا، ولا يضعه حيث تسفي عليه الريح ترابًا. فإن رأى عليه غبارًا أماطه عنه. وعلمه على تعظيم المسجد وجهة القبلة، وتوقير شيوخ المسلمين وعلمائهم وصلحائهم، ويلزمه الصمت وقلة الكلام إلا ما لابد منه، وبعودة السكينة والوقار والسلام والاستئذان. ويفرق بين الصبيان إذا بلغوا عشر سنين في مضاجعهم، لئلا

يفتن بعضهم ببعض، وتستحكم تلك الفتنة في قلوبهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروهم بالصلاة ابن سبع، واضربوهم عليها ابن عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) وذلك والله أعلم لما قلنا، والله أعلم.

فصل

ويعلم أهله ما عسى لا تعلمه من أحكام العشرة، وإن رأها مقصرة في العبادة حملها فيها على ما يخرج به عن حد التقصير وبصرها منها ما تجهله، أو أذن لها في إتيان من يبصرها

<<  <  ج: ص:  >  >>