للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، أو أدخل عليها من ثقات الناس من يعلمها بما تحتاج إليه، أو من أمناء الرجال ولا يؤاخذها، إنما يفرط فيها من حقه، وهي لا تعلم وحرمه عليها ولتبدأ بلا تسفيف فإن لم تعمل بما تعلمت كان له عليها السبيل، ولا يضر بها إلا بعد الإعداد إليها. وإن استاء منها على ماله عرفها ما يرضيه عنها في حفظ ماله. وإن أطلق لها الإنفاق حد لها حدودًا يعملها ولا يتجاوز. وينبغي له إذا خرج من منزله أن يعهد إلى أهله أن لا يردوا سائلًا، فإن ذلك كان من آداب صالحي السلف، ويطلق لها من ذلك وهو حاضر ما يرى إطلاقه، لئلا تحتاج إلى سوء امرأته في كل وقت. وحسن أن يعلمها شيئًا من القرآن وإن كانت تجهله. ويعلمها من الدين ما أغفل أبواها أن يعلماها، ويدربها من الآداب والمروءات على ما لا يدربها عليه أبوها. ويتخوفها بالموعظة والنصيحة ويعرفها من الوعد والوعيد ونعيم الجنة وعذاب النار ما يرجو أن ينجع فيها، فإن كانت رديئة أصلحها، وإن كانت خيرة زادها خيرًا بإذن الله، وإذا كانت زوجة كتابية أخبرها عن الغسل من المحيض إن أراد الاستمتاع بها، ولا يخبرها عن الغسل من الجنابة إن لم يكن ذلك في دينها، وإن اشتهت عليه خمرًا أو خنزيرًا فلا يجبها إليه. فإن أرادت أن يدخلها داره فليجعل بينها وبين ذلك من قبل أنه لا يراهما حلالًا، ولكن من قبل أن الخمر يسلب غيرها فلا يؤمن منه الأمة. وقليلها يدعو إلى الكثير. والخنزير نجس فلا يأمن من أن يعدو نجاسة إلى كثير من الآلات ومتاع البيت، ويقصر في إماطتها، لأنها ظاهرة عندها، أو يتعمد تركها. فإن علم أنها شربت خمرًا أو أكلت لحم خنزير، أمرها أن تتطهر منها بما جعلت طهارة لهما، وأخبرها على ذلك.

وجاء في الإحسان إلى الأهل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نفقة الرجل على أهله صدقة) يحتمل أن يكون أراد بذلك ما يوسعه على أهله، وراء الواجب لهن عليه. ويحتمل أن يكون الواجب أيضًا صدقة لأنه ينفق على الأهل للتعفف بهن، ويمسكها رجاء أن يكون له ولدي يعبد الله في الأرض، وهذا بر وقربة.

وقال عليه السلام: (أفضل الدينار، دينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله). فبدأ بالعيال والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>