للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وإذا ملك عبدًا أو جارية، فليسأله عن دينه. فإن كان أعجميًا اقتصر منه على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل الأعجمية: أين الله؟ فأشارت إلى السماء. فسألها: من أنا؟ فأشارت أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقضى بإيمانها. لأن الله عز وجل وصف نفسه بأنه في السماء، فقال: {أم أمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض، فإذا هي تمور. أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبًا}. وعادة المسلمين إذا دعوا أن يرفعوا رؤوسهم وأيديهم إلى السماء من غير أن يعتقدوا أنه شاغل لها أو لشيء منها، أو محصور بها. كما أن عادتهم إذا صلوا أن يستقبلوا الكعبة من غير أن يعتقدوا أنه فيها أو في جهتها، كما يكون الجسم من مكان أو جهة. فإذا كان المملوك أعجميًا اكتفى في الاستدلال على إيمانه بوجود الأمارات منه، ولم يطلب منه ما يطلب من أصل الكلام والجدل. فإن سأله فصرح بالكفر نظر فإن كان وثنيًا أجبره على الإسلام، وإن كان كتابيًا دعاه إليه بلا إجبار.

وإنما ذكرت هذه المسألة رواية في الأمة الوثنية. فقد يجوز أن يكون فيها خاصة دون العبد. لأنه لا يمكن سيدها الاستمتاع بها مع وثنيتها، فيجبر بها على الإسلام، ليتمكن من الاستمتاع، كما يجبر الرجل امرأته الذمية على الغسل من الحيض لتهيأ له مباشرتها. والعبد مفارق ذلك للامة، أن توثنه لا يمنع سيده من الاستمتاع به في شيء. والخبر في هذا لا يعدو الضرب إلى عقوبة فوقه. فإن سئل الأعجمي: أين الله وهو تركي، فأشار إلى السماء، لم يدلك على إيمانه. لأن أكثر الأتراك يرون آلهتهم السماء نفسها. وإنما تقبل هذه الإشارة مكان العبارة عن بعض أسماء الله عز وجل، ممن لا يرى أن السماء آلهة. فإن كانت المشيرة إلى السماء تركية لم يجز لسيدها أن يقربها حتى تسلم، ويجبرها عليه بما دون القتل حتى تقر بالحق. فإن أسلم الأعجمي أو غير الأعجمي فليعلمه من القرآن وما يحتاج إليه لوضوئه وصلاته وصيامه من العلم ما لابد له منه. وليحمله على آداب الدين وسبل المسلمين، ويجنبه قرناء السوء، خصوصًا من أهل دينه الذي أنزل عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>