وأما للزيادة في رد السلام: فهي أن المسلم إذا قال: السلام عليكم. قيل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وهذا حد السلام ورده في الشريعة. قال علي رضي الله عنه: دخلت المسجد: فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم في عصبة من أصحابه فقلت: السلام عليكم. قال:(وعليك السلام ورحمة الله عشرون لي، وعشر لك. قال: فدخلت الثانية، فقلت: السلام عليكم ورحمة الله. فقال: وعليك ورحمة الله وبركاته ثلاثون لي وعشرون لك. فدخلت الثالثة، فقتل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثلاثون لي وثلاثون لك، أنا وأنت في السلام سواء. ثم قال: من مر على مجلس فسلم عليهم كتب الله له عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات). فأبان أن الابتداء بالسلام فضيلة، فأما الرد ففرض، فما ذكرت، ولقول الله عز وجل:{هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}. فإذا كان السلام إحسانًا كان جزاؤه الرد كما ثبت.
وجاء في السلام، عن اليهود أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد دخلوا عليه: السأم عليك، فسمعت ذلك عائشة رضي الله عنها فقال: عليكم السامة واللعنة يا إخوان القردة والخنازير. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مهلا يا عائشة، متى رأيتني فحاشًا فقالت: ألم تسمع هذا، إنهم إذا دخلوا عليك، فقال. ألم تسمعي قلت: عليكم). فهذا رفق النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه واحتماله الأذى في ذات الله عز وجل بتوفيقه.
فإن سلم يهودي على مسلم فقال له: عليكم السلام أو عليكما أو عليك، فلا شيء عليه إن عرف منه أنه أحسن السلام عليه، وإن لم يكن تحقق سلامه، فقد أساء إلى نفسه من وجهين: أحدهما مخالفة نبيه صلى الله عليه وسلم ومفارقته أذنه، والأخذ بتركه، للاحتياط والنظر إلى نفسه، فإنه لا يدري أن الذي خاطبه كيف دعا، وبماذا دعا له. وإنما أمرنا أن نقول لليهودي، إذا تحقق سلامه: عليكم السلام. لأن لذلك وجهًا وهو أن يجزيه بأن يدعو له بالسلامة في ماله وصغار ولده، إن كان حربيًا، أو بالسلامة له في نفسه من آفات الدنيا