مع السلام يده، لأن الانحناء على معنى التواضع، لا ينبغي إلا لله عز وجل. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يلقى الرجل، أينحى له؟ قال: لا. قال: فيعانقه، قال: لا. قيل: فيصافحه؟ قال: نعم.
وأما تقبيل اليد فإنه من فعل الأعاجم فلا يبتغون على أفعالهم التي أحدثوها تعظيما منهم لكبريائهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تقوموا عند رأسي كما تقوم الأعاجم عند رؤوس أكاسرتها) فهذا مثله. والله أعلم.
وإذا مر رجل بمصلي، فلا ينبغي له أن يسلم عليه حتى يفرغ، فإن سلم فهو بالخيار. فإن شاء رد إليه إشارة بإصبعيه، وإن شاء أمسك حتى يفرغ من الصلاة ثم يرد عليه السلام، وهذا أولى. وإذا ورد على الإمام وهو يخطب فلا يسلم، وإن سلم لم يرد عليه إلا إشارة. وإن رد لم يفسد ذلك خطبته. ولا ينبغي لمن مر برجل وهو يقضي حاجته أن يسلم عليه، فإن فعل لم يلزمه أن يرد عليه.
سلم رجل على النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحال فقال له:(إذا وجدتني أو رأيتني على هذه الحال، فلا تسلم علي، فإنك إن سلمت لم أردد عليك). ومن ورد على رجل وهو يقرأ القرآن فلا يقطعه عنه بالسلام عليه حتى يفرغ، ثم يسلم عليه. فإن سلم عليه وهو يقرأ، فهو بالخيار، إن شاء رد، وإن شاء أمسك حتى يفرغ، ثم يرده. وإن رد عليه وهو يناجي أخاه فلا يسلم عليه حتى يفرغ من نجواه، ثم يسلم عليه، فإن سلم عليه وهو معرض له فله، إن يرد، وإن سلم عليه وهو مقبل نحوه، فينبغي له أن يرد عليه لأنه حياه. وإذا دخل المسلم مقبرة من مقابر المسلمين، أو انتهى إلى قبر مسلم، فينبغي أن يسلم فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين. كما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أتى بقيع العرق، فقال ذلك.
ومن دخل على قوم الحمام أو نزل حوضًا، فوجد فيه رجلا قد نزله قبله، أو خاض واديًا، فانتهى فيه إلى قوم، فمن كان منهم كاشفًا عما يلزمه ستره من بدنه لم يسلم عليه. ومن كان مشغولًا عنه بالأمر الذي نزل المسلم يسلم عليه أيضًا ومن كان يخالف ذلك سلم عليه.