وينبغي للمسلم أن يقول لمن يسلم عليه: السلام عليكم، لأنه سنة السلام المحلل من الصلاة. هذا فدل على أن سنة السلام خارج الصلاة مثلها. فأما وجوب الصلاة، فإنما قال: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى على عباد الله الصالحين. لأن ذلك السلام في موضع الذكر والثناء لله عز وجل، في حال بقاء عقد الصلاة المحرم لكلام الناس. فصار لوقوعه بأمر الله عز وجل كأنه سلام من الله تعالى جده على المذكورين وتسليم الله تعالى على عباده سلام، سلام بلا ألف ولام. فكان حق هذا التسليم أن يكون كذلك. فأما السلام في آخر الصلاة، فإن عقد الصلاة لا يبقى معه، وهو واقع لا في وقت الذكر لأن الحال بحال القطع، فلم يكن كالواقع من الله عز وجل. فمن هذا الوجه، فأرى السلام الواقع في جوف الصلاة والله أعلم.
وإذا سلم الإمام في الصلاة توقى لكل واحدة من التسليمتين الملائكة والناس الذين في تلك الجهة. وإذ سلم القوم، نووا بالتسليمة الأولى من عن يمينه من الحفظة، والناس والإمام. وبالثانية من عن يساره من الحفظة والناس. وإن لم يكن من أحد جانبيه أحد لم ينو إلا الحفظة دون الناس.
ومن قال يسلم المصلي تسليمة واحدة قال يسلم بلقاء وجهه، لأن السلام صلاة فيستقبل به القبلة كما يستقبل الناس الأركان. ومن قال يسلم تسليمتين عن اليمني وعن الشمال، فلأنه محلل. وقد كان من قبل ممنوعًا محرمًا، فهو يشعره من الالتفات إلى من يسلم عليهم بما لم يكن لائقًا منه بالصلاة. كما يستحله نفسه في هذا الوقت، ولم يكن من قبل حلالا في الصلاة، وبالله التوفيق.
ولا ينبغي إذا سلم رجل على آخر أن يشير إليه بيده، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من تشبه بغيرنا فليس منا). وقال:(لا تسلموا تسليم اليهود بالأكف، وتسلم النصارى بالإشارة). فلا ينبغي لأحد إذا سلم على أحد أن ينحني له، ولا أن يقبل