بها درجة. وخاض في الرحمة حتى إذا جلس إليه غمرته الرحمة، وجرت فيما بينه وبين المريض، وكان المريض والعائد في ظل العرش). وأول ما في عيادة المريض إظهار الاكتراث بما مسه، وإطلاله عنه على ما هو من مركز في القلب من محبته، والتوجع بوجعه، ويسأل الشمتة إن كان في صدره، وبعث له على أن يكون غذاء إن مسه شفاء. كما وجده اليوم عليه لنفسه، ثم إن ترك العيادة لطول بمرض الأخ المسلم، ولا ينبغي للمسلم أن يأتي منه ذلك. لأن المريض إن كان مرض الموت، والموت ناقص من العدد وقاطع للعدد، فإن لم يكن مرض الموت فهو حائل دون الاجتماع على الصلاة والجهاد. وذلك وهو عاجل. وإن كانت السلامة تبيعه في الأجل واهنًا، فإن المريض قد يحب له أصدقاؤه ببعض ما في نفسه، ويشاورهم في مر وصيته، ويستوصيهم بولده وأهله عنايته. فإذا انقضوا عنه وهو جفاء منه بمكانة، فلا ينبغي لهم أن يفعلون.
ومن العيادة أن لا يكرر العيادة كل يوم، لأن ذلك إذا كان لا يستحب في الزيارة لما يخشى فيه من الإملال. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه: زرغبًا تردد حبًا). فأولى أن لا يستحب في العيادة، فإن أنس المريض أقل حملًا للأثقال من نفس الصحيح.
وفي أدب العيادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعود أصحابه إلا بعد ثلاثة أيام وقال: (اغبوا في عيادة المريض، فأربعوا أن لا يكون المريض مغلوبًا). وينبغي للعائد إذا دخل أن يتأمل حال المريض، فإن رآه قلقًا أو ضعيفًا، لا يتفرغ لمكالمته، لم يلح عليه بمسألة، ولم يملله بكلام ويدعو له وينصرف. وإن رآه منشرح الصدر فلا بأس أن يسأله عن حاله ويعرفه ما يجده في نفسه من الاهتمام بعلته، ويدعو إليه وينصرف عنه قبل أن يمله. فقد جاء في دعاء المريض والدعاء له قال علي رضي الله عنه: وجعت وجعًا كان يقتلني