فيقال: من كان في رأسه ثقل وشدة، فعطس، فشدد عطاسه، ورفع صوته ليعين بذلك عن انتفاخ شدقه لم يكن في ذلك ما يكره. وإن أراد برفع الصوت التلعب، وإرعاب بعض السامعين كره ذلك.
في العاطس إذا حمد الله: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا عطس الرجل فقال: الحمد لله، قالت الملائكة: رب العالمين. وإذا قال: رب العالمين. قالت الملائكة: يرحمك الله.
في التثاؤب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه، فإن الشيطان يدخل). ومعي هذا أنه أعلم أنه إذا مد النفس فقد فغر فاه لم يؤمن أن يمتد معه شيء يكون في الهواء، فيدخل فيه فيتأذى بذلك. فسمي ما كان من ذلك شيطانًا، لأنه مؤذي، يدخل على الإنسان منه ما يكره كالشيطان، كما يقال للرجل الحسن الكريم ملك. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (يطلع من هذا الفج رجل بوجهه مسحة ملك) فأطلع جرير. وإنما قال بوجهه مسحة، ذلك لأنه كان حسنًا صبيحًا، إلا أنه كان هناك مسح بالحقيقة والله أعلم.
وينبغي إذا عطس العاطس أن يتأنى حتى يسكن بما به ثم يشمتوه، ولا يعاجلوه بالتشميت. وإذا عطس الخاطب وقال: الحمد لله ومر في خطبته لم يشمت، وإن وقف شمتوه. وإذا عطس أحد القوم فحمد الله تعالى جده، شمت إشارة. وقيل يشمت بكلام. وإذا علم من رجل يكره أن يشمت، ويرفع نفسه أن يتأسف، بذلك لم يشمت لا إجلالًا له بل إجلالًا للتشميت عن أن يرهل له من يكرهه، قال الله عز وجل فيما حكاه عن نوح النبي صلوات الله عليه أنه قال لقومه:{أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده، فعميت عليكم، أفلزمكموها وأنتم لها كارهون}.
فإن قيل: إذا كان التشميت سنة، فلم تترك السنة بكراهية من يكرهها؟