للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن شاة ذبحت في أهل عبد الله بن عمرو فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي، ثلاث مرات. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).

وقال صلى الله عليه وسلم: (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره). ومما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب قوله: (الجار أحق بسقبه) وقيل معناه: أنه أحق بشرًا ما يباع من جيرته من الرجل الأجنبي. وجاء أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه- عرض داره للبيع وطلب منه ثمانمائة درهم، فما زادها أبو رافع بأربع مائة فقال له: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الجار أحق بسقبه) لما بعتكما بأربعمائة. فلقد طلب مني ثمانمائة درهم، فحمله الصحابي السامع له من رسول الله صلى الله عليه وسلم، على هذا المعنى، وإياه فهم منه. وقيل معناه: أنه أحق شفعة بإتباع، إذ كانت الشفعة لا تنيب إلا فيما يمكن. قلت: الشركة فيه جوار بالقسم، فلما أخصت بما يكون فيه الجوار أشبه أن يستحق بالجوار والله أعلم.

وقيل: أراد بالجار الشريك لأن الأغلب أن الشريكين في الدار يشتركان في سكناها فيكون متجاورين بأبدانهما. ولذلك قيل لامرأة الرجل جارته. لأن الأغلب أن الزوجين يتعاشران فيتجاوران بأبدانهما والله أعلم.

ويحتمل أن يكون المعنى الذي عظم الجوار، هو أن كل واحد من المتجاورين لائذ بصاحبه، آمن بأمانه، لأن أحدًا لا يمكنه أن يسكن أرضًا وحده، فإنه لا يأمن أن يسلب ويجرب فتقتله المجاعة والعري، أو تفترسه السباع، وإذا كثر الناس واجتمعوا على سكنى ببلد اعتقد بعضهم ببعض، فأحرز بكل واحد منهم ماله وأهله وولده، بجيرانه ورفقائه دفع بعضهم عن بعض. وكل من كان ألصق بآخر، كانت هذه الفائدة له من منه أوفر. وكان به من قبلها أخص. فلما فات أن يصل إلى القيام بهذا الحق على جميع أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>