عادة، فيعسر بعدها عليه النزوع عنها، وهذا إضرار به. فينبغي أن يتقي من هذا الوجه الرابع، كما وجب أن يتقي من الوجوه المتقدمة.
ومنها إسقاط جاهة وحرمته بين الناس، لأنه لا ينظر إليه بعدما عرف منه كما كان ينظر إليه من قبل بتطليق الألسنة بالسب والشتم، وهذا أيضًا نوع من الإضرار به. فينبغي أن يصان عنه.
فإن قيل: فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أترغبون عن ذكر الفاجر أو الفاسق، اذكروه بما فيه كي يحذره الناس).
قيل: هذا في الفاسق المجاهر المعلق بذكر ما فيه، لأنه لا يبالي بذلك، ليحذره من لم يبلغه حديثه، فلا يعقد نكاحًا بشهادته، ولا يقتصر على إشهاده في الحقوق التي يجب توثيقها بالشهود.
فأما من بدرت منه زلة في خفية، وظاهره عند الناس جميل، فهو خارج عن حكم هذا الحديث، وملتحق بالجملة الأولى، وبما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من قوله:(أقبلوا ذوي الهنات عثراتهم أو زلاتهم). فالإمساك عنه وعن كل مستر أولى، والله أعلم.
ومنها معنى سادين، وهو أنه إذا لم يكن للمتحدث بالفاحشة عن غيره غرض صحيح بالتحدث، فلا ضرورة إليه، فإنما ينعته عليه الدغل، ورداءة الطبع وسوء النية، وكل ذلك مذموم. فكان ما يدعو إليه من الإساءة مذموم.
قال علي رضي الله عنه، وذكر آخر الزمان والفتن، قال: خير أهل ذلك الزمان كل الفوقه أولئك مصابيح الهدى ليسوا بالمسابيح ولا المذابيع البذر والفوقة الحامل والمذياع المسمع بالفواحش عمن يراها فيه، والتشيع لها، والساح الذي يسح في الأرض بالشهر والنميمة، والإفساد بين الناس والبذر جمع الباذر، وهو الذي يبذر الكلام بين الناس. كما لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر غيره من إخوانه المسلمين فأولى به وألزم أن لا يهتك