{والله لا يحب كل مختال فخور، الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد} وقال: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}. وقال:{إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذا أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون، فأصبحت كالصريم}. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل:{فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى} يقول: من أعطى من ماله واتقى وصدق بالخلف من الله فسنيسره للخير. وأما من بخل واستغنى عن ربه وكذب بالخلف فسنيسره للعسرى، يقول: للشر.
فثبت بجمع ما ذكرت أن الجلود من مكارم الأخلاق والبخل من أرذلها. وليس الجواد الذي يعطي في غير موضع العطاء، والبخل الذي لا يمنع لا في موضع العطاء. لكن الجواد الذي يعطي في موضع العطاء، والبخيل الذي يمنع في موضع العطاء. فكل من استفاد مما يعطى أجرًا أو حمدًا، فهو جواد، ومن استحق بالمنع ذمًا أو عقابًا فهو البخيل ومن لم يستفد بالعطاء أجرًا ولا حمدًا، أو استوجب به ذمًا فليس بجواد، وإنما هو مسرف مذموم، وهو من المبذرين الذين جعلهم الله إخوان الشياطين، وأوجب الحجر عليهم. ومن لم يستوجب بالمنع عقابًا ولا ذمًا، أو استوجب به حمدًا فهو من أهل الرشد الذين يستحقون القيام على أموال غيرهم بحسن تدبيرهم وسد اذرائهم، ولا يقال لهذا بخيل.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على الجود وذم البخيل وقيل:(لا تنهمكوا على غير ما بكم) أي لا تسقصوا عليهم فتستوفوا جميع الحق ولا تدعوا منه شيئًا.
وجاء عنه في البخل، قال صلى الله عليه وسلم:(من شر ما أعطي العبد شح هالع وجبن خالع) الهالع المحزن. والخالع المخيف، الذي يخلع القلب من شدته يقال: أقبل الفصل لبن أمه إذا استنفذه، فلم يبق الثدي شيئًا. قلت: يحتمل أن يكون نهى عن ذلك إذا كان في الاستيفاء إبعاد الغريم. قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبغض البخيل في حياته، الشحيح عند