وإن مات على ذلك لم يدخل الجنة أبدا. وإن اختار الإسلام كان مسلما، فإن قتله قاتل قبل أن يمكنه اختيار دين أبويه، والإسلام ضمنه لأنه على جملة الدين المتقدم إلى أن يختار تركه فيسلم، وإن عمل قبله وهو كافر عليه القصاص، وإن أمكنه الاختيار فلم يفعل ولم يسلم بذلك كان مختارا لدين أبويه وترك، فإن قتله قاتل في هذه الحالة ضمنه.
وإذا أسلم أبواه أو احدهما وهو صغير كان مسلما فإن بلغ بقلبه أن يجدد الإسلام، فإن غفل عن ذلك ولم يعلمه أصلا فهو على حكم الدين المقدم إلى أن يمكنه الإسلام أو غيره، ولا إمكان مع الجهل ولا مع السهو والغفلة، فإن قتله على ذلك قاتل عمدا فعليه القصاص إلا أن يكون مسلما، فلا يقبض منه للشبهة، وهي أنه بالغ، لم تثبت له حكم الإسلام بنفسه، وإن أمكنه الاختبار فأسلم، كان كسائر المسلمين، وإن كفروا بالإسلام فإن اختار كفرا سوى دين أبويه الذي كان له لم يترك، وإن أراد الرجوع إلى دين أبويه قبل أن يسلما، فقد قيل: يترك، لأنه وإن كان كافرا بكفرهما في بدء أمره، ثم أزيل الكفر عنه بما عدم من اتفاق أبويه على الكفر، فلما صار له علم نفسه زال حكم الإتباع عنه، فإن عاد إلى ذلك الكفر فكان ما بينهما لم يكن.
وقيل: لا يقر عليه لأنه كفر ببعد إيمان وهذا أولى. والأول مبني على أنه صار مسلما تبعا لأبويه لما اسلما. والثاني مبني على أنه كافر بكفرهما تبعا لهما، فلما اسلما وهو صغير زالت عليه كفره، فلم يجز أن يكون كافرا مع زوال علة الكفر.
وكل كافر زال كفره فلا يزول إلا إلى الإسلام، لأنه لا ضد له سواه. وإن كان المولود بين المسلمين فهو مسلم ما دام صغيرا، فإذا بلغ كان عليه إن يحدد الإيمان، فإن غفل عنه ولم يعلم ذلك أصلا فهو على حكم الإسلام، وإذا علم أن عليه التجديد فلم يجدد الإسلام وهو يمكنه، فلا يقر على كفره، بل يكون كسائر المرتدين والله أعلم.