لكن علة دوام الرق تمسك المولي بحقه منه، وعله دوام النجاسة إهمال الجلد وإخلاؤه من الدباغة، وأما علة كفر الصغير في حال العلوق وبعدها فكفر الوالدين اللذين هما ولياه وكافلاه بأنفسهما لا غير، وذلك لا يرتفع بإسلامه، فلم يجز أن يكون مسلما مع بقاء ما يوجب كفره.
فإن قال: فإني أقول علوق الولد كافرا لكفر أبويه ودوام كفره إنما هو لتمسكه به وامتناعه من الإسلام.
قيل: لو كان كذلك لم يصير مسلما بإسلام أبويه، كما لا يعتق الولد المنفصل بعتق أمه، وفي وقوع الإجماع على أنه يصبر مسلما ما دل على أن كفره من قبل أبويه. وأيضا فالمولود بين مسلمين يلزمه إذا بلغ أن يتشهد شهادة الحق ويجدد الإيمان ولا يلزمه ذلك قبل البلوغ وإن كان يدري ويميز لزوما لو تركه لكفر، فكذلك المولود بين كافرين كان يلزمه الإيمان إذا بلغ فلا يلزمه قبل البلوغ، لزوما إذا تركه كفر. فصح أن كفره من قبل أبويه اللذين ما وليا وكافلاه بأنفسهما والله أعلم.
قالوا: روينا أن عليا رضي الله عنه أسلم وهو صغير لم يبلغ وإن حكمه، فدل ذلك صحة الصغير.
فالجواب: أن الخبر ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه يومئذ إلى الإسلام والصلاة فاسلم وصلى، فصح إسلامه وصحت صلاته. وأنت تقول: لا صلاة للصغر، فالحديث حجة عليك. وأما أنا فأقول إنما أمره رسول صلى الله عليه وسلم بالإسلام والصلاة، فهو أحد شيئين: أما أكون يكون خصه بالخطاب لما صار من أهل التمييز والمعرفة دون سائر الصغار، ليكون ذلك كرامة له ومنقبة، فلما توجه عليه الخطاب والدعوة فلا يصح منهم الإسلام.
أو يكون خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إياه بالدعاء إلى الإسلام والصلاة يومئذ على أنه بالغ عنه، لأن البلوغ بالسنين ليس مما شرع في أول الإسلام، بل ليس يحفظ قبل قصة ابن عمر في أحد والخندق في ذلك شيء. فالظاهر أن الناس كانوا يحرون في ذلك على رأيهم وما تعارفوه وتوارثوه: من أن الصبي من لا يمكن أن يولد له، والرجل من يمكن أن يولد له. وكان علي ابن عشر سنين لما أسلم. وظاهر من قال: أنه ابن عشر أنه استكمل عشرا ودخل في الحادي عشر، ومن بلغ هذا السن فقد يمكن أن يولد له، ولهذا قلنا أن امرأة