ابن العشر إذا جاءت بولد كان لاحقا به حتى يبلغ، فينفيه باللعان.
وإن كان هذا هكذا فلا به أن عليا رضي الله عنه كان في حكم يومئذ بالغا، فلذلك صح إسلامه، وتوجه الخطاب عليه. فلما شرع البلوغ بعد ذلك بالسنين، ونظر إلى السن الذي كل من بلغها جاز أن يولد له دون السن الذي يندر ممن بلغها للإيلاد، كان من قصرت سنوه عن ذلك الحد صغيرا في الحكم، ولم يجب أن يصح إسلامه، وهذا أولى ما يقال في هذه القصة والله أعلم.
قال القائل: الإيمان من موجبات العقول، فإذا عقل الصبي الإيمان الزمه عقله أن يؤمن فإذا آمن وجب يعتد بإيمانه لأنه فعل ما التزمته الحجة بفعله.
فالجواب: أن الذين يذهبون إلى أن الوجوب والسقوط يدركان في بعض الأشياء بالعقل، وإن الإيمان بالله جل ثناؤه حسن علينه، والكفر به قبيح لعينه، لا يزيدون في الإيمان على ما أصف، وهو أن العاقل إذا استدل فعرف أن يعتقد- ومعنى يعتقد أن يوطن القلب على أن ما ظهر له صحيح، ثم أن يحدث بما عرف فأخبر عنه صدق ولم يكذب. فأما أن يكون عليه في قضية العقل أن يخبره عما اعتقده، ويتحدث به فلا، وليس ما يلزمه أن يصدق أو يحدث خاصا لما عرفه من الله تعالى، ولكنه عام لكل ما عرفه وأدركه.
وأجمعنا على أن الإيمان لا يتم بمجرد الاعتقاد ولكنه يحتاج معه إلى الإقرار باللسان، وإذا لم يكن إضافة وجوب الإقرار إلى العقل لم يجز أن يقال: أن إقرار الصبي إيمان لأجل انه يعقل والإيمان من موجبات العقول. ويدل على ما قلنا أن العقلاء اختلفوا في أن الإقرار من كمال الإيمان حتى لا يتبقى الكفر إلا به، أو هو من شرائعه وفروعه، وليس من شرطه كماله، ولم يختلفوا في وجوب الاعتقاد بعد حصول المعرفة، فلو كان الإقرار من موجبات العقول لم يختلفوا في وجوبه كما لم يختلفوا في الاعتقاد، وكما لم يختلفوا في أنه أن قصد الإخبار معتقده كان عليه أن يصدق ويخبر بالحق والله أعلم.
وأيضا فإن الإيمان الذي يشاق وجوبه إلى العقل، هو الإيمان بعد المعرفة الناشئة عن الاستدلال، والصبي لا يكمل لمثل هذه المعرفة، فلم يكمل لوجوب الإيمان عليه بالعقل. ويدل على ما قلنا أن الكفار الذين تقع لهم معرفة الباري جل جلالة لما يرون أن الإيمان به