اثر الإكراه إزالة الامتناع لا تحقيق شفعة الدواء عنده. فلهذا جعل مسلما في ظاهر الحكم وإن كان إسلامه عن إكراه والله أعلم.
مسأله وأما الذمي إذا استكرهه المسلمون على الإسلام فأسلم، لم يلزمه الإسلام إلا بأن يقر بأن رأيه تغير وأسلم مختارا لأنه لم يكن لهم أن يستكرهوه بعد ثبوت الذمة له، فكان ذلك كاستكراه الكفار المسلم على الفر. ومعلوم أنه أن تكلم بالكفر غر مختار لم يكفر. فكذلك الذمي إذا استكره على الإسلام فكلم بالحق غير مختار لم يسلم.
فإن قيل: الإكراه على الحق ينبغي أن يكون بحق حتى يصير المكره كالمختار. فأما إذا كان ما يقع الإكراه عليه حقا في نفسه، ألا أن الإكراه عليه غير مملوك، للمكره فيه حكم المختار.
ألا ترى أن رجلا من عرض الناس لو استكره رجلا على بيع شيء من ماله في دين عليه في بلد فيه سلطان أو قاض لم يلزمه ذلك البيع. ولو استكرهه عليه الحاكم فباع لزمه، وما افرقا إلا لأن الحاكم يملك والأجنبي لا يملكه، والبيع إذا لم يوصل إلى البعد إلا به حق في الحالين، فكذلك إكراه الذمي على الإسلام غير مملوك للمسلم، وإن كان الإسلام حقا، فواجب أن لا يكون المكره عليه كالمختار والله أعلم.
فإن قيل: لم لا قلتم أنا لمسلمين إذا استكرهوا الذمي ساروا بذلك ناقضين عهده، فإذا أسلم كان ذلك كإسلام من لا عهد له.
قيل: عهده لا ينتفض، فنقض من المسلمين من غير جناية بحدثها أو اختلاف شرط أن يكون منه، وليس نقضهم عهده كنقضه، لان العهد له وهو المحتاج إليه، فإذا نقضه انتقض، لأنه لا يضر بذلك إلا نفسه، وإذا نقضه المسلمون من غير عذر لم ينتقض لأنه إنما عقد له دفعا لما يخشاه من الضرر من جنايتهم، فلو لم يلزمهم وكان ينتقض أو ينقضوه لم يكن فيه فائدة واستوي وجوده وعدمه والله أعلم.