يبلغها أمام القتال، وهذا هو الذي لا يجوز غيره، لأن القتال إنما هو على الدين فيستحيل أن يتقدم الإعلام بالدين لمن ينبغي أن يتقدم الدعوة والإعلام. فإن وقفت الإجابة وإلا كان القتال بعد الإصرار والله أعلم.
وإذا كان الأمر على ما وصفت، وجب إذا قيل من ذكرت أن يكون فيه ديته مسلم لأنه مسلم هذا ما قاله غيه غيري، وقائل هذا القول- وإن كان من أهل الفتيا- فيحتمل أن يكون غير ما قال: وهو أن يكون نصف الدية لأنه ناقص الإيمان، والنبي صلى الله عليه وسلم لما وصف المرأة بنقصان الدين، من حيث أنه لم يسمع بمحمد صلى الله عليه وسلم، فرسول خاتم النبيين وسيد المرسلين أول من يكمل دينه، وإنه إن كان غير آثم وخرج لقصور الدعوة عنه، فالمرأة أيضا بما تدعه من الصلوات غير آثمة ولا حرجة، ولم يمنع ذلك من حط ديتها عن دية الرجل.
ثم إذا لم تكمل الدية، وجب نصفها قياسا على المرأة، لأنه لا أصل له يرد إليه غيرها، ولا يقصر عن الثلث قياسا على أن أهل الذمة لأنه لا إيمان لهم وهذا مؤمن إلا أنه ناقص الإيمان كالمرأة.
وفي هذا القول لا قود على قاتله، وإن كان الرجل يقبل بالمرأة لأن النقصان في أصل إيمانه، ونقصان دين المرأة في أحد فروع الإيمان لا في أصله، فلما تساوى المسلم والمسلمة في أصل الإيمان، وكان التباين بينهما في بعض الفروع، تساويا في القصاص الذي هو أصل فاصل، وتباينا في الدية التي هي بدل وفرع. وأما من لم تبلغه الدعوة فإنه لا يساو المسلم في أصل الإيمان ولا في فروعه، فوجب أن لا يساويه في النفس ولا في الدية والله أعلم.
فإن قيل: أو كان من ينقص دينه تنقص ديته؟
قيل: لا! ولكن الصلاة تأتي الإيمان التام، والإيمان بالرسول يأتي الإيمان بالله، فمن كان مسلما بمجرد إيمانه بالله، وكان ناقص الدين من حيث لم تبلغه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤمن به، كان كالتي تم إيمانها بالله ورسوله أو كانت ناقصة الدين من حيث أنها تحيض شطر أيامها في الأغلب، فلا يمكنها أن تصلي، والله أعلم.
وأما من كان متمسكا بدين مبدل، فحكمه حكم أهله في الضمان ومقدار الدية. لأن ضمان الكتابي إنما يسقط بمناصبة المسلمين، الا ترى أنه إذا اعتصم بذمة أو أمان ضمن،