إله إلا هو الحي القيوم}. وقال:{هو الحي لا إله إلا هو}. وأضاف هذه الكلمة في بعض الآيات إلى إبراهيم الخليل صلوات الله عليه فقال بعد أن اخبر عنه أنه قال لابنه وقومه:{إنني براء مما تعبدون، إلا الذي فطرني فإنه سيهدين، وجعلها كلمة باقية في عقبه}.
وقيل: الكلمة لا إله إلا الله، ومجاز قوله: إنني براء مما تعبدون، إلا الذي فطرني إلا الله. فيحتمل أن يكون أولاده المؤمنون أخذوا هذه الكلمة عنه، فكانوا يقولون: لا إله إلا الله.
ثم إن الله عز وجل جددها بعدد رسوها بالنبي صلى الله عليه وسلم إذا بعثه لأنه كان من ذرية إبراهيم صل الله عليهما، وورثه من هذه الكلمة ما ورثه البيت والمقام وزمزم والصفا والمروة وعرفه والمشعر ومنا والكلمات التي ابتلاه بها فأتمها والقربان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها". في هذا بيان أن هذه الكلمة يكفي الإسلام بها من جميع أصناف الكفر بالله عز وجل.
وإذا تأملناها وجدناها بالحقيقة كذلك. لأن من قال: لا إله إلا الله، فقد اثبت الله ونفى غيره، فخرج بإثبات ما أثبت من التعطيل، وبما ضم إليه من نفي غيره عن التشريك وأثبت باسم الإله الإبداع معا إذا كانت الإلهية لا تصير مثبتة له تعالى بإضافة الموجودات إليه على ومعنى انه سبب لوجودها دون أن يكون فعلا وصنعا، ويكون لوجودها بإرادته واختياره تعلق، وبإضافته فعل يكون منها فيها سوى الإبداع إليه مثل التركيب والنظم والتأليف. فإن الأبوين قد يكونان سببا لولد على بعض الوجوه، ثم لا يستحق واحد منها اسم الإله.
والنجار والصانع ومن يجري بجراهما، كل واحد منهم يركب ويهيئ ولا يستحق اسم الإله، فعلم بهذا أن اسم لإله لا يجب إلا للمبدع، وإذا وقع الاعتراف بالإبداع، فقد وقع بالتدبير، لأن الإيجاد تدبير ولأن تدبير الموجود إنما يكون بإثباته أو بإحداث