١ - ذكر الأسماء التي تتبع إثبات الباري جل ثناؤه والاعتراف بوجوده منها القديم:
وذلك مما يوثر على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأت به الكتاب نصا، وإن كان قد جاء فيما تقتضيه.
ومعناه: الموجود الذي ليس لوجوده ابتداء، والموجود الذي لم يزل في أصل القديم في الناس، لأن القديم هو القادم. قال الله عز وجل فيما أخبر به عن فرعون:{يقدم قومه يوم القيامة}. فقيل الله عز وجل قديم بمعنى أنه سابق للموجودات. ولم يجز إذا كان كذلك أن يكون لوجوده ابتداء. لأنه لو كان لوجوده ابتداء لاقتضى ذلك أن يكون غير له أو جده، ويوجب أن يكون ذلك الغير موجودا قبله. فان لا يصح حينئذ أن يكون هو سابقا للموجودات. فبان أنا إذا وصفناه بأنه سابق للموجودات فقد أوجبنا أن لا يكون لوجوده ابتداء، وكان القديم في وصفه جل ثناؤه عبارة عن هذا المعنى وبالله التوفيق.
ومنها الأول ومنها لآخر: وقد ورد القرآن بهذين الاسمين.
والأول: هو الذي لا قبل له. والآخر: هو الذي لا بعد له، قبل وبعد نهايتان، فتقبل نهاية الموجود من قبل ابتدائه، وبعد غايته من انتهائه، فإذا لم يكن له ابتداء ولا انتهاء لم يكن للوجود قبل ولا بعد، فكان هو الأول والآخر.
ومنها الباقي: قال الله عز وجل: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}. وهذا أيضا من لواحق قولنا: قديم، لأنه إذا كان موجودا لا عن أول ولا لسبب، لم يجز عليه الانقطاع بسبب وجوده، فلما لم يكن لوجود القديم بسبب، يتوهم أن ذلك السبب أن أرتفع عدم، علمنا أنه لا انقطاع له.
ومنها الحق: قال الله عز وجل: {ويعلمون أن الله هو الحق المبين}، والحق مالا يسع أفكاره ويلزم إثباته والاعتراف به، ووجود الباري تعالى أولى ما يجب الاعتراف به، ولا يسع جحده. إذا لا مثبت يتظاهر عليه من الدلائل البينة الظاهرة ما تظاهرت على وجود الباري جل جلاله.