للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعلام موضوع غير مشتق، ومعناه القديم التام القدرة، فإنه إذا كان سابقا لعامة الموجودات كان وجودها به، وإذا كان تام أو حد المعدوم، وصرف ما يوحده على ما يزيده، واختص لذلك باسم الإله.

ولهذا لا يجوز أن يسمي هذا الاسم أحد سواه يوجه من الوجوه، وتأويل من التأويلات وهو الذي أراده الله جل ثناؤه بقوله: {رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا}. أي هل تعلم من يستحق أسم الإله غيره، ومن قال: ألا أنه هو المستحق للعبادة، فقد يرجع قوله: إلى أن الإله إذا كان هو القديم التام القدرة، فكان كل موجود سرا صنعا له، والمصنوع إذا علم صانعه كان حقا عليه أن يستحذي له في الطاعة، ويذل له بالعبودية لأن هذا المعنى تفسير هذا الاسم.

ومنها الحي: قال الله عز وجل: {هو الحي لا إله إلا هو} وإنما يقال ذلك لأن الفعل على سبيل الاختيار لا يوحد إلا مزجي، وأفعال الله عز وجل لها صادرة عنه باختياره إذا أثبتنا أنه حي.

ومنها العالم: قال الله عز وجل: {عالم الغيب والشهادة} ومعناه أنه يدرك الأشياء على ما هي به، وإنما وجب أن يوصف عز اسمه بالعالم، لأنه قد ثبت أن ما عداه من الموجودات فعل له وانه لا يمكن أن يكون فعل إلا باختيار واردة، ولفعل على هذا الوجه لا يظهر إلا من عالم، كما لا يظهر إلا من حي.

ومنها القادر: قال الله عز وجل: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتي}. وقال: {بل، إنه على كل شيء قدير}، وهذا يدل على معنى أنه لا يعجزه شيء بل تيسر له ما يريد على ما يريد، لأن أفعاله قد ظهرت، ولا يظهر الفعل اختيارا إلا من قادر غير عاجز، كما لا يظهر إلا من حي عالم.

ومنها الحكيم: قال الله تعال: {إنه حكيم عليم} ومعناه الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب وإنما أن يوصف بذلك لأن أفعاله سديدة، وصنعه متقن، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>