للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم، كما لا يظهر الفعل على وجه الاختيار إلا من حي عالم قدير.

ومنها السيد: هو أسم لم يأت به الكتاب، ولكنه مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه روي عنه أنه قال لوفد بني عامر: "لا تقولوا السيد فإن الله هو السيد". ومعناه المحتاج إليه الإطلاق، فإن سيد الناس إنما هو رأسهم الذي إليه يرجعون ويأمره يعملون، وعن رأيه يصدرون، ومن قوته يستمدون.

فإذا كانت الملائكة والأنس والجن خلقا للباري جل ثناؤه لم يكن بهم غيبة في يدي أمرهم وهو الموجود، إذ لو لم يوجدهم لم يوجدوا ولا في الإبقاء بعد الإيجاد، ولا في العوارض أثناء البقاء كان حقا له جل ثناؤه وأن يكون سيدا، وكان حقا عليه أن يدعوه بهذا الاسم.

ومنها الجليل: وذلك أيضا مما ورد به الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الكتاب: {ذو الجلال} ومعناه المستحق للأمر والنهي، فإن جلال الواحد فيما بين الناس إنما يظهر بأن يكون له غيره أمر نافذ ولا تحد من طاعته فيه يد، وإذا كان من حق الباري جل ثناؤه على من أبدعه أن يكون أمره عليه نافذا وطاعته له لازمة وجب له اسم الجليل حقا، وكان لمن عرفه أن يدعوه بهذا الاسم، وبما يجرب مجراه ويؤدي معناه.

ومنها البديع: ومعناه المبتدع وهو يحدث ما لم يكن مثله قط. قال الله عز وجل: {بديع السموات والأرض} أي مبدعها. والمبدع من له إبداع، فلما ثبت وجود الإبداع من الله تعالى لعامة الجواهر والأعراض استحق أن يسمى بديعا ومبدعا.

ومنها الباري: قال الله عز وجل: {الباري المصور} وهذا الاسم يحتمل معنيين: أحدهما: الموجد لما كان في معلومة من أصناف الخلائق، وهذا هو الذي يشير إليه قوله عز وجل: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها}، ولا شك أن إثبات الإبداع والاعتراف به للباري عز وجل ليس يكون على أنه أبدع بغتة من غير علم سبق له بما هو مبدعه، لكن على انه كان عالما بما

<<  <  ج: ص:  >  >>