للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها الجبار: في قول من يجعله من الجبر الذي هو نظير الكره، لأنه يدخل فيه أحداث الشيء عن عدم، فإنه إذا أراد وجوده كان ولم يتخلف كونه عن حال إرادته ولم يكن فيه غير ذلك، فيكون فعله له كالجبر، إذ الجبر طريق إلى دفع الامتناع عن المراد، فإذا كان ما يريده الباري جل ثناؤه لا يمتنع عليه فذلك في الصورة جبر. وقد قال الله عز وجل: {ثم استوي إلى السماء وهي دخان} فهذا الباب لم يميزه عن الإبداع وجعل الاعتراف له، فإنه بديع اعترافا له بأنه جبار.

٤ - ذكر الأسماء التي تتبع نفي التشبيه عن الله تعالى جده:

منها الأحد: وهو الذي لا شبيه له ولا نظير، كما أن الواحد هو الذي لا شريك له ولا عديل، ولهذا سمي الله عز وجل نفسه بهذا الاسم لما وصف نفسه بأنه {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد} وكان قوله عز وجل: {لم يلد ولم يولد} من تفسير قوله: {أحد} والمعنى لم يتفرع هو عن شيء، ولا تفرع هو عن شيء كما تفرع الولد عن أبيه وأمه ويتفرع عنهما الولد، فإذا كان ذلك فيما يدعوه المشركون الها من دونه لا يجوز أن يكون الها إذا كانت إمارات الحدوث من التجزئ والتناهي قائمة فيه ولازمة له، الباري لا يتجزأ ولا يتناهى فهو إذا غير مشبه إياه، ولا مشارك له في صفته.

ومنها العظيم: ومعناه الذي لا يمكن الامتناع عليه بالإطلاق لان عظيم القوم إنما يكون مالك أمورهم الذي لا يقدرون على مقاومته ومخالفة أموره إلا انه وأن كان كذلك، فقد تلحقه العجز بآفات تدخل عليه فيما بيده فتوهنه وتضعفه، حتى يستطاع مقاومته بل فهره وإبطاله، والله جل ثناؤه قادر لا يعجزه شيء، ولا يمكن أن يعصى كرها، أو يخالف أمره قهرا، فهو العظيم إذا حقا وصدقا، وكان هذا الاسم لمن دونه مجازا.

ومنها العزيز: ومعناه الذي لا يوصل إليه ولا يمكن إدخال مكروه عليه. فإن العزيز في لسان العرب هو من العزة والصلابة، وقيل للحديد الصلب غرور لشدته وتعذر كسره، وخلافه الذليل الذي هو في اللسان من الذلة وهو اللين والطواعية. وقيل للمركوب

<<  <  ج: ص:  >  >>