ووعيده لينتهي إلى ما وعد به الثواب ويبقى ما أوعد عليه بالعقاب.
قال الله عز وجل:{إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعدوا على جنوبهم، ويتفكرون في خلق السموات والأرض}.
وقال:{أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض} فأخبر عز وجل أن في خلق السموات والأرض وغيرهما آيات، وأمرنا بالنظر فيهما، والمنظر فيها تدبرها ليوقف منها على ما هي إثبات له ودلالات عليه، من أن لنا فاعلا حيا عالما قادرا حكيما، إذ كانت آثار الصنعة لازمة لها، والصنع يقتضي صانعا فلا يتعذر منه الصنع حتى يكون عالما به قبل أن يصنعه، قادرا عليه، ولا يأتي منه متقنا شيء حتى يكون مع علمه وقدرته حكيما، ولا تجتمع القدرة والعلم والحكمة في فاعل إلا وان يكون حيا يريد ويختار، فيأتي الفعل منه على ما يريد.
فإن قال قائل ومن لكم بأن أثر الصنعة موجود في السموات والأرض!
قيل له: أن السماء جسم محدود متناه، والمحدود والمتناهي لا يجوز أن يكون قديما! لأن القديم هو الموجود الذي لا سبب لوجوده، وما لا سبب لوجوده.
فلا جائز أن يكون له نهاية لأنه لا يكون وجوده إلا تلك النهاية أولى به من وجوده دونها أو وراءها. ولان التناهي لا يكون الوجود، لأنه إلى نهايته يكون موجودا ثم يكون وراء نهايته عدما، والقديم لا يعدم فصح أن المتناهي لا يجوز أن يكون والسماء متناهية. فثبت بمقدمه.
فإن قال قائل: وما الدليل على أن السماء متناهية!
قيل: الدليل على ذلك، أنها متناهية عيانا من الجهة التي تلينا، فدل ذلك على أنها متناهية من الجهات التي نراها ولا نشاهدها، لأن بتناهيها من هذه الجهة قد أوجب أن لا يكون منها قديما موجودا إلا لسبب فصح أن مالا يلينا منها فهي كذلك أيضا، لأنه لا يجوز أن يكون شيء واحد بعضه قديم وبعضه غير قديم. وأيضا فإن السماء جسم