منها من النجوم والبروج، فلك فيه الكواكب الثابتة فلك، وكل كوكب من الكواكب السيارة فلك. وللفلك من الفلك بعد معلوم، ولكل فلك استدارة معلومة ودرجات معلومة، ولكل كوكب سير وجد فيه معروفه، وللشمس والقمر من بينهما من الاختصاص بالضياء والنور ما ليس لغيرهما، فإذا كان الشمس فوق الأرض فذلك النهار، وإذا كانت تحت الأرض فذلك الليل.
ولفصول السنة من التعلق الظاهر: تسير الشمس ما لا تخفى، فإنها إذا تحركت من أول الحمل إلى أن بلغ آخر الجوزاء فالزمان ربيع، وإذا تحركت من أول السرطان إلى أن تبلغ آخر السنبلة فالزمان صيف، وإذا تحركت من أول الميزان إلى آخر القوس فالزمان خريف، وإذا تحركت من أول الجدي إلى آخر الحوت فالزمان شتاء.
ويظهر في الربيع اليسر والنمو وتزهر الأشجار وتظهر الثمار ثم نضجها وإدراكها ما بين أول الربيع إلى أوائل الخريف ثم تعبر الحر ويظهر البرد، فلا يزال يقوى ويشتد حتى لا يبقى على الأشجار ورقة، وتتابع الأنداء، وتجمد المياه، وكل ذلك أمور تكرر سنين لا تحصيها العبد، وجرى فيها على وتيرة واحدة لم ينقص فيما بينهما في شيء منها عادة قط.
ودون السماء السحاب المثقل بالماء تسوقه الرياح، ثم ينزل منه ما ينزل أكاما، جعله الله حياة للناس وعامة للحيوانات وبعدها للأرضين الموات وأما ثلجا وأما بردا، وفي كل منهما منفعة وفائدة لا تنقضه ويعتده ويمنع من أن يسوغ إليه الانحلال، فيستقبل به أيام القيظ على تبريد الماء الذي لا يمكن شربه على ما هو عليه من السخونة المفرطة. فيجتمع إلى مسكن العطش به إطفاء بوائر الأمراض، والتحرز به من كثير من الحوادث والأعراض. ودونها أيضا للرياح اللواقح والسوابق للفلك من البحار والأرض التي هي قرار ومهاد،