وللأحياء والأموات كفات وفيها أعواد وهي للماء الذي فيه الحياة معادن ومنار.
وفيها جبال هي للأرض أوتاد تحوطها من أن تميلها الرياح العواصف، والرجفات والزلازل، وفيها معادن الذهب والفضة، والحديد والنحاس والرصاص، ومعادن الأحجار النفسية، ومعادن الأحجار النفيسة، ومعادن العفر والنوره والزرنيخ وعيون الملح والنفط والكبريت وفي البحر من الحيتان لحوم طرية، ومن الزين اللؤلؤ والزبرجل والمرجان، نظير ما على الجبال من اليواقيت، وفي المعادن من الفيروزنج والجزع والعقيق، وفي كل شيء من ذلك منفعة وللناس عرق وحاجة.
وفي سهولها المساكن من الأمصار والقرى والحصون وغيرها، ومنها المزارع والمغارس والحدائق البهجة والزروع أصناف والغراس أصناف، وفي كل صنف منها منفعة، وللناس فيها ارب وبغيه. وعلى ظهرها من الحيوان: الناس المخصوصون بالعقل والبيان وانتصاب القامة، ثم الدواب المقسمة إلى سباع وغير سباع، والطائر المنقسمة كذلك والهوام، وللناس عليها كلها السلطان.
وإذا تأمل من المتأمل نفسه علم ماله من الفضل على جميع الحيوانات الأرضية، وما في بينته وجملته من إمارات التدبير الحكيم والصنع المتقن السديد.
فإن الدواب كلها وإن شاركت الإنسان في أن لها أعضاء وجوارح، كما أن له أعضاء وجوارح، وإن لم يكن منها كهن منه، وكان لكل منهما ومنه رأس فيه العينات فللبصر، والإذنان للسمع، والأنف للشم، ودونه اليدان للبطش وللأخذ والدفع، ودونهما الرجلان للمشي، وذلك للناس خاصة، وللمشي على أجمعها للدواب، والفم للأكل والشرب والأسنان للطحن، والفروج من الذكور والإناث لطلب النسل، وللإناث الأرحام خاصة، والائداء لأنهن الحوامل والمراضع، وليست من الذكور إلا اللقاح.
فقد اختص الناس بالعقل والبيان فساسوا من سواهم، وتوصلوا بعلم ما في الأرض وتمييزه ومعرفته إلى استنزاح منافعها، بضروب المكاسب والاستئثار بفوائدها، فكانت لهم الملابس والري والمراكب والفرش والأثاث والخزائن والذخائر وبيوت الأموال، وأكلوا من أصناف الطعام ما يشتهون، وركبوا من الدواب ما يريدون، وأصابوا من