للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل حائط رجل من الأنصار، فإذا جمل، فأما رأى النبي صلى الله عليه وسن حن وذرفت عيناه، فاتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح شراته وذفراه. ثم قال: من رب هذا الجمل فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله! فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة، فإنه شكا إلى أنك تجميعه وترئبه.

وفي حديث آخر: خرج النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه بعير يرغو حتى سجد له فقال: أتدرون ما يقول! زعم أنه خدم مواليه أربعين سنة، حتى إذا كبر نقصوا من علفه وزادوا في عمله، حتى إذا كان لهم عرس أخذوا الشفار لينحروه فأرسل إلى مواليه، فقالوا: صدق والله يا رسول الله! فقال: إني أحب أن تدعوه، فتركوه. فهذا يدخل في باب التعليم من وجه، أن الجمل لما تظلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنينه والثاني برغائه، أفهمه الله تعالى مراده، فنظر لذلك في أمره وقضى حاجته، فدخل في باب التأييد من وجه أن فيه شهادة من كل واحد منهما بنبوته.

ومنها إن سمع النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرى مكلما فيقع له العلم بما قيل له، وذكر وهب في كتابه: إن كان للأنبياء منازل، فمنهم من كان يسمع الصوت فيهمه ويحتمل أن ذلك كان يكون صوتا يحدثه الله تعالى عند سمع النبي صلى الله عليه وسلم فيجيبه ويلهمه الله المراد منه فيعرفه، ويحتمل أن يكون ذلك الصوت كلاما معهودا، فإذا حصل إلى سمعه عرف.

ومنها الجمع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الجن، وقد كان نبينا صلوات الله عليه مبعوثا إلى الجن والإنس، فيمكن من مشاهدتهم ومناطقتهم، وبلغهم الرسالة شفاها وعيانا. فقد حل هذا في باب العلم، من حيث أنهم عالم كثير محجوبون عن الأبصار، وفي خلقهم ما يزيد الناظر والواقف عليه بصيرة ويقينا بالله جل ثناؤه، وانبساط قدرته. فإذ ميزت له رؤيتهم ومعرفتهم ازداد علما بالله جل ثناؤه، لما يشاهده من آياته فيهم، ويراه من آثار قدرته الظاهرة عليهم. ويدخل في باب التأييد من وجه أنه يمكن من لقائهم ومكالمتهم وقراءة القرآن عليهم لا تكون إلا مع حجة دعوته وثبوت نبوته.

<<  <  ج: ص:  >  >>