للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وأما قول من قال: إن كان هذا القذف لأجل النبوة، فلم دام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟

فجوابه من جوابين:

أحدهما دام لدوام النبوة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ببطلان الكهانة، وقال: (ليس منها من يكهن) فلو لم تحرس السماء بقدرته لعادت الجن إلى سمعها ولعادت الكهانة ولا يجوز أن تعود بعد ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ببطلانها، ولا قطع الحراسة عن السماء إذا وقع لأجل النبوة فعادت الكهانة دخلت الشبهة على ضعفاء المسلمين، ولم يؤمن أن الكهانة إذا عادت لتباهي النبوة، فإنها إنما كانت ارتفعت لأجلها، فلولا النبوة زالت لما عادت الكهانة، فصح أن الحكمة تقتضي دوام الحراسة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أنه يتوفاه الله تعالى إلى كرامته.

والوجه الآخر: أن السماء تحرس بعد وفاته لإقصاء الشياطين عن مشاهدة الملائكة المكرمين سماع كلامهم إذلالا وإهانة، وإن كانت لا تحرس احتياطاُ لما يوحى، إذ كان الوحي قد انقطع، والله أعلم.

فصل

وأما قول من قال: إن كانت السماء حرست في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أفكانت ضائعة من قبل؟

فجوابه: أنها لم تكن ضائعة بل كانت محروسة، لكن غلط أمرها شددت حراستها بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أنها لو لم تكن محروسة، ولا الشياطين عنهها بالقهر ممنوعة لكان في بيعهم وزرجهم عن الصعود والسمع بالنهي كفاية. وقال الله عز وجل لإبليس: {فاخرج منها فإنك رجيم} وقال: {فاهبط منها فمايكون لك أن تتكبر فيها، فاخرج إنك من الصاغرين}.

فمن كان من ذريته أو من جده أو من طبقته فهو مثله، وله من الرجم والزجر ماله،

<<  <  ج: ص:  >  >>