للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما لا يقدر عليه الإنس والجن من الإتيان بمثل القرآن، والملائكة أيضا لايقدرون، وفي ذلك ما أبان نظام القرآن ليس من عند جبريل، لكنه من عند الله اللطيف الخبير، وبالله التوفيق.

وقد دخل فيما ذكرته من هذا الوجه الثاني من الأوجه الثلاثة التي تقدم ذكرها في صدر الكتاب.

فأما الوجه الثالث فبيانه أنه الله تعالى حفظ القرآن، فقال عند ذكره: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. وقال: {وإنه كتاب عزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلقه تنزيل من حكيم حميد}. فمن أجاز أن يتمكن أحد من زيادة شيء في القرآن أو نقصانه منه، أو تحريفه أو تبديله، فقد كذب على الله تعالى فيث خبره، وأجاز وقوع الخف فيه، وذلك كفر.

وأيضا فإن ذلك لو كانت ممكناً لم يكن أحد من المسلمين على ثقة من دينه ويقين مما هو متمسك به، لأنه لا يأمن ان يكون فيما كتب من القرآن أوضاع نسخ الصلوات أو بعض شيء منها، أو تغيير أوقاتها أو الزيادة عليها، أو نسخ الزكاة، أو تغيير الأموال بها، والزيادة في مقاديرها، أو النقص منها، أو نسخ الصيام أو الزيادة على شهر رمضان أو تبديله بغيره. أو نسخ الحج أو إيجاب تكريره، أو منع الجهاد، أو تحليل الخمر والميسر وإطلاق المحرم من الفروج، أو تحريم المحلل منها.

فكان أحد من الناس لا يقيم عبادة إلا متشككا، ولا يقدر على شيء ولا ينزع عن شيء إلا متشككا. ثم كان لا يؤمن أن يكون وصف نبينها بأنه خاتم النبيين زيادة من نقصان الناس دون أن يكون تنزيلا، فلعله عن قريب يبعت بعده نبي، أو يكون قوله: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا}. تحريفا وتبديلا، ويكون المنزل يا بني إسماعيل، وإخباره هذا يدعو إلى تشريع كل خارج من الإسلام أن لا يدخل فيه، وإن الثقة به لا توجد لأهله، وهذا غير الكفر، فصح أن من تمام الإيمان الإعتراف: بأن جميعه هذا، المتوارث خلفاً عن سلف لا زيادة فيه ولا نقصان وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>