الحرث، وإنما يتم بنائه ونموه وتزايده حتى يبلغ غايته التي يتجاوز له عنهما، وكل ذلك ما لا صنع لهم فيه.
وقد يحرث الواحد فيصل من حرثه إلى مراده، ويحرث الآخر فلا يصل من حرثه على شيء مما كان في نفسه.
فينبغي لهم أن يعلموا أن الله عز وجل هو المنبت للحب والقلب له حالاً فحالاً، إلى أن يظهر الريع، ويبلغه غايته التي قدرها له.
ولا يقول أحد جربت فأصبت بل يقول أعانني الله فجربت، وأعطاني بفضله فأملت واستحب لكل من ألقى في الأرض بذراً أن يقول بعد الإستعاذة:{أفرأيتم ما تحرثونه أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون}. بل الله الزارع، والمنبت والمبتغ، اللهم صليث على محمد وعلى آل محمد وارزقنا ثمره وجنبنا ضرره، واجعلنا لا نعمك من الشاكرين.
ثم قال:{أفرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون، لو نشاء جعلناه أجاجاً}. يعرفهم أنهم كانوا يتخذون المصانع كما ينزل عليهم من القطر، حتى يجتمع لهم فيها ما يشربونه، ويستمتعون به المدة الطويلة، فليس لهم أن يظنوا أن تمكنهم من الماء ووصلوهم إليه، إنما هو من قبل أنفسهم، فيمتدحوا لسعيهم على تحصيله، ويظنوا أنه على ما يسألهم إياه من أهل الحاجة إليه، وينبذ جوابه عىل من لا عنده، بل ينبغي لهم أن يعلموا أن ذلك رزق ساقه الله تعالى إليهم ويطول به عليهم، وأنهم لو اتخذوا مكان كل مصنعة مصانع، وحبس الله عنهم القطر لم تغن عنهم مصانهم شيئاً.
ولو أنزل الله عز وجل عليهم القطر فأبرزه ولم يغزره لما أفادتهم المصانع شيئاً، ولو أغزره ثم ما يمكن عدمه مع وجوده، ووجوده مع عدمه، بل الواجب إحالته على المنان الكريم الفعال لما يريد، ومقابلة فضله بالشكر. رجاء أن يديمه لهم.
ثم قال عز وجل:{أفرأيتم النار التي تورون، أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون} فعرفهم أن النار التي يورثونها من الأشجار ويقولون: في كل شجرة نار، واسمخد المزج