للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معصية بتركها والإمساك عنها، زيادة إيمان. لأنها تصديق حادث في أمر حادث، إذ لا فرق بين أن يكونوا صدقوه في بدء الأمر جملة، ثم يعودوا فيصدقوه في نبأ من أنباء الغيب، ويثقوا بوعده فيه وبين أن يكونوا صدقوه في جملة ما جاء به من عند الله تعالى جميعه، ولم يصدقوه بفعل ما أمرهم به، وترك ما نهاهم عنه ثقة بموعوده من الجزاء عليه. وإن كان المراد هو الوجه الثاني، فقد بان أو صح بيان أن كل ما وقع بأمر الشرع طاعة له وتسليما فهو إيمان، والله التوفيق.

ووجه آخر: وهو أن الله عز وجل قال: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان}، فقابل عز وجل بين ما حببه إلينا وبين ما كره إلينا، ثم أفرد الإيمان بالذكر فيما حبب، وقابله بالكفر والفسوق فيما كره، فدل ذلك على أن للإيمان ضدين، أو أن من الإيمان ما نقيضه الكفر، ومن الإيمان ما نقيضه الفسوق، وفي ذلك ما أبان أن الطاعات كلها إيمان، ولولا ذلك لم يكن الفسوق ترك إيمان، والله أعلم.

ووجه: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)، ولا يخلو أن يكون أراد بذلك: أن تعاطي هذه الفواحش ترفع الإيمان، وأما ما أراد من ذلك، فإن كنا لا نقول بالأول فقد ثبت أن التعفف عن الفواحش إيمان.

فصل

ذكر الأسئلة والاعتراضات: فإن قيل ما أنكرتم أن الأعمال كلها ما خلا الاعتقاد والإقرار ليست بإيمان، وبينها في كتابه فقال: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات} فثبت بذلك أن الأعمال ليست بإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>