وقال:{فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا}.
فإذا وقف الناس على أعمالهم من الصحف التي يؤتوها حوسبوا، قال الله عز وجل:{فأما من أوتي كتابه بيمينه، فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا}.
فدل ذلك على أن المحاسبة إنما تكون إيتاء الكتب، ولعل ذلك- والله أعلم- لأن للناس إذا بعثوا لا يكذبون ذاكرين لأعمالهم، فإن الله عز وجل يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا، أحصاه الله ونسوه، فإذا ذكروها وقفوا عليها: حوسبوا بها، ولا يمكن أن يقطع في صفة المحاسبة بشيء لأنها لا تدرك إلا بتوقيف.
غير أن جاء في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ما من أحد إلا وسيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان).
وسمعت منهم من يقول: إن الملائكة يحاسبون بأمر الله والمحاسبة حكمة، فلذلك يضاف إليه كما أنه أضاف الحكم إلى نفسه. فقال:{ألا له الحكم}، وقال:{وهو خير الحاكمين} ألا أنه جعل مع ذلك إلى العلماء عباده أن يحكموا بين الناس، فالحكم له والعباد يتولونه بإذنه. كذلك المحاسبة حقه وحكمة، غير أن الملائكة يتولونها بإذنه، والله أعلم.
وقد قيل أن الله عز وجل لما قال:{إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا، أولئك لا خلاق لهم في الآخرة، ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}.
فخص هؤلاء بأن الله لا يكلمهم يوم القيامة، دل ذلك على أن من لم يكن في معناهم فإنه- تعالى جده- يكلمهم، فإن كان هكذا فإنه سيكلم المؤمنين ويحاسبهم حسابا يسيرا بنفسه من حيث لا يكون بينه وبينهم ترجمان إكراما لهم.
كما أكرم موسى عليه السلام في الدنيا بأن كلمه تشريفا له وتفضيلا، فإن المغضوب