بلغوا غاية التمرد، فلم يذعنوا لشهادة الصحيفة، ولا كاتبيها، فاستحقوا من الله تعالى الفضح والإجزاء، نعوذ بالله منها والله أعلم.
فصل
والحساب وإن كان لله تعالى ذكره جملة، وكذلك جاء ذكره في كثير من الأخبار، فإن في بعضها دلالة على أن كثيرا من المؤمنين يدخلون الجنة بغير حساب وهم المتوكلون. فصار الناس إذا ثلاث فرق: فرقة لا تحاسب أصلا، وفرقة تحاسب حسابا يسيرا، وهاتان الفرقتان من المؤمنين، من يكون أدنى إلى رحمة الله فيدخله بغير حساب. وليس يبعد أن يكون من الكفار من يكون أدنى إلى غضب الله فيدخل النار بغير حساب. فتكون الفرق أربعا.
وقد جاء في الحساب اليسير عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم حاسبني حسابا يسيرا، قلت: وما الحساب اليسير؟ قال: ينظر في كتابه ويتجاوز عن سيئاتهم، وأما من نوقش الحساب عذب، قلت: فأين قول الله عز وجل: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا}. قال ذلك العرض.
وقيل في معنى العرض: هو أن يقرأ كتابه ليقرأه ويعرف ما كان منه من حسنة وسيئة ثم يتجاوز عن سيئاته من غير أن يقال: لم فعلت هذا، ولم تركت هذا. فيسأل عن الحجة إذا سئل عنها لم يجدها، فكان العذاب يحق عليه. ومناقشة الحساب أن يقول: هلا فعلت هذا؟ أم هلا تركت هذا؟ ولم تركت هذا؟ ويطالب بالحجة، فإذا لم يجدها عذب والله أعلم.
فصل
فأما الكفار فإن الله عز وجل ثناؤه قال:{أحشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم، وقفوهم إنهم مسؤلون}.