للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزله مؤاخين إياه، متوددين إليهم. ولا يمنعهم من أن يدخلوه منكرين ومغرين عليه، أو مطالبين بحق ربه وبالله التوفيق.

وأما أن الملائكة لا تصحب رفقة فيها كلب أو جرس، فلأن الكلب سبع عاد محرم الاقتناء إلا لصاحب صيد أو ماشية، لا تدفع لصغرها وضعفها السابع عن أنفسها وهي الغنم.

فأن أراه الناس أن يحترزوا من عوائل بما هذا سبيله، لم يطلبوا من الله تعالى أن يبعث معهم ملائكة يحرسونهم ويحفظونهم. والجرس تسكن إلى صوته الإبل، ويقال أن الجن كلها تميل إلى أمثاله وتجتمع عليه والإبل فيها مغان من الجن ومن ذلك يكون نفارها في كثير من الأوقات بلا سبب ظاهر يعرف، أو من شيء لا يليق بها على ما هي عليه من الشدة والقوة أن تنفر منه.

فإن ما يحمل ذلك منها على أن الشياطين تعرض لها وتستهويها فتنفر وتميل إليها بالمشاكلة التي بينها خاصة دون سائر الدواب.

فإن كان هذا هكذا فإن تعليق الأجراس، كاستدعائهم وتآلفهم وجمعهم، وهم بالحقيقة أحد المسلمين، فمن آثر لنفسه هذا في سفره كان حقيقا لكن لا يقيض الله تعالى لحراسته ملائكته وأولياءه إلا أن هذا لا يمنع الموكلين بهؤلاء السفر من ملائكة الله تعالى أن يكتبوا عليهم أعمالهم، لكنهم في حال المعصية أولى بالتضييق عليهم منهم في حال الطاعة، وإن يقبضوا أرواحهم إذا جاءت آجالهم، فإن المقيم على ما يرضاه الله تعالى أولى أن يمهل ولا يؤجل عن أحد أجله من المتمسك بالطاعة والله أعلم.

فإن قيل: وما فائدة المسلمين في صحبة الملائكة إياهم.

قيل: فائدتهم إذا لزموا الطاعة لله تعالى أن تثبت الملائكة قلوبهم، فلا يحلوا ولا يضيعوا بالحل والترحال والسير بالليل والنهار درعا، ولا تنفر دوابهم لمعارضة الشياطين إياها، ولا يصلوا عن سوار فيه من الهوام والسابع واللصوص، إن حضروا سرا ليعلم بهم، فلا يقدروا على الأضرار بهم أو حضورهم جهدا، فيجهدوا ولا يصلوا إلى مرادهم.

ولعل لهم من الخير في ذلك ما لا يحضر ذكره ولا يعلمه إلا الله تعالى وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>