وأما قول القائل: أن الكرام الكاتبين، هل يدخلان الخلاء بدخول وكلائه إياه؟
فجوابه: أنه لا علم لنا بهذا، ونقول في الجملة: إن كانا مأمورين بالدخول معه دخلا، وإن كان الله تعالى يكرمهما عن ذلك ويطلعهما على ما يكون من الداخل مما سبيله أن يكتباه لئلا يغفلا عنه وينسخاه، فعلا ما يؤامران به. وليس في خفاء ذلك عابنا ما يوجب قدحا في ديننا ومقالتنا.
وأما قوله: أين يجلسان، فإن الله عز وجل يقول:{وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين، يعلمون ما تفعلون}. وقال:{عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عنيد}.
والمعنى عن اليمين قعيد وقد يعلم في الجملة إن الملائكة حيث هم من السماء والأرض حالا في الاستفزاز يكونون عليها خلاف الحال الذي يكون لهم إذ كانوا مثقلين ذاهبين وحابين أوصافهم حول العرش مستحين قبل الحال التي تكون لهم إذا رحلوا بهم، فيفرقوا في جوانبهم. وتلك الحال إن كان نحوا من قعود الناس، وإلا فأنتم القعود لها، مستعار وبالله التوفيق.
وأما قوله: أنهم بماذا يكتبون وعلى ماذا يخطون، فجوابه: أن لا علم لنا بذلك ونقول في الجملة: إنهم يكتبون على شيء يحتمل الطي والنشر، لقوله الله عز وجل {ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}.
وإن الله الذي خلقهم وخلق غيرهم لا يعجزه أن يخلق لهم بتنوير الجلود والقراطيس وما يكتب عليه الناس شيئا يخطون عليه، أما بقلم يخلقه بتنوير الأقلام التي يخط بها الناس، وأما بشيء كالقلم بمدام أو بغير مداد، والله أعلم بحقيقة ذلك.