القتل، لأن الإيمان هو العاصم للنفس فلا يجوز أن تزول العصمة وهو باق بحاله. وعلى كماله الذي كان له حين أوجب العصمة. وفي هذا ما أبان أن قتل القاتل والزاني المحصن وتارك الصلاة لا يخرج إلا على أن تكون هذه الجنايات مؤثرة في سبب العصمة، ناقصة من درجاته، مخففة لوزنه. ولولا ذلك لما جاز أن يستحل بها الدم. فإن قيل: فيقولوا أن كل معصية فهي تبيح الدم! قيل: لا يلزمنا أن نقول ذلك، لأن سبب العصمة إذا كان إيمانا لا ثلمة فيه. فحديث فيه ثلمة احتمل أن يقال: أن العصمة تزول، واحتمل أن يفصل الثلم ويقال فيها عظم منها أنها تزيل العصمة، وفيما صغر منها أنها لا تزيلها. كما يقال: إن العمل الكثير الذي ليس من جنس الصلاة يفسد الصلاة، والعمل القليل لا يفسدها. وقد قالوا: إذا زاد في صلاته أقل من ركعة لم يفسدها، وإن زاد فيها ركعة أفسدها. وأما الصوم فإن قليل الأكل فيه والشرب وكثيره سواء. ولكن مهما كان سبب العصمة في الأصل إيمانا لا ثلمة فيه لم يجز أن يكون هذا السبب قائما بكماله والعصمة زائلة. فبان بهذا أن قيل: أحد من المسلمين عمل معصية تكون منه، لا تخرج إلا على أن تكون الطاعات إيمانا، والمعاصي ثلما في الإيمان، والله أعلم.