نزول الملائكة عليه لقبض روحه، وفي حال القبض، وفي الموضع الذي تصار إليه روحه وبعدما تغير. قال الله عز وجل:{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم فيها تدعون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم، ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم} فقيل: إن هذا عند حضرة الموت تبشرهم الملائكة بالجنة وتؤمنهم ما كانوا يخافون، ويعلمونهم أنهم كانوا كونهم في الدنيا ويوالونهم في الآخرة.
وقال في الكفار:{ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق} ويقولن لهم هذا تعريفا إياهم أنهم يقدمون على عذاب الحريق.
وقال {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم، أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون غير الحق، وكنتم عن آياته تستكبرون}.
فدلت هذه الآيات على أن الكفار يعرف عليهم في نزع أرواحهم، وإخراج أنفسهم، ويعرفون مع ذلك أنهم قادمون على الهوان والعذاب الشديد، كما يرفق بالمؤمنين، ويبشرون بما هم قادمون عليه من الأمن والنعيم المقيم.
وقال الله عز وجل:{كلا إن كتاب الأبرار لفي علين، وما أدراك ما عليون، كتاب مرقوم، يشهده المقربون} وقال: {كلا إن كتاب الكفار لفي سجين، وما أدراك ما سجين} فأبان جل ثناؤه: إن الكتاب الذي يشتمل على أن أعمال الأبرار يعلى به فيكون بمشهد المقربين، وذلك- والله أعلم- إشارة إلى أن روحه تعلو به إذا نزع من بدنه ليعرف المقربون أنه روح صاحب الكتاب، فيكون له بذلك شرف وفضل.
وإن كتاب الفجار يهوى به إلى أشد المحابس والسجون، وذلك عند جهنم المكتوبة تحت البحار الموارة بها، إلا أن يأذن الله في إبرازها، وذلك- والله أعلم- إشارة إلى