تقول فيهم صالحاً، فأما المنافق المرتاب فيقول: لا أدري، فيقال له: لا، دريت، ويغلظ له في قبره".
فقد أثبتت هذه الأخبار وغيرها أن الموتى يسألون عن دينهم إذا قبروا، وفي بعضها أن ملكين يدعيان منكرا ونكيرا، يأتيان الميت فيسألانه والذي يشبه أن تكون ملائكة السؤال جماعة كثيرة يسمى بعضهم منكرا وبعضهم نكيرا، فيبعثون إلى كل ملك منهما إثنان كما كان الموكل عليه للكتب أعماله في حياته ملكان.
فإذا انقضى السؤال، فمن أصاب الجواب أفلح، ولم يكن عليه بأس إلى يوم القيامة، ومن أخطأ وزل، ضرباه بعمود يصير بدنه منها نارا ثم تخمد بإذن الله، بهذا جاءت الرواية.
ومن كان من هذه الطبقة، فأمرهم يختلف، لأن الله عز وجل قال في قوم نوح مما {خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا} وظاهر ذلك أنهم عوجلوا بالعذاب، وقال في فرعون:{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا، ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب}. هذا دون ما دل ظاهر الكتاب عليه من حال قوم نوح صلوات الله عليه، لأن ذلك إنما يدل على إدخال النار.
وهذا على العرض على النار، وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المعذبين ما قال، وفي ذلك دلالة على أن أجاب الملكين بجواب المسلمين، فإنه إذا كان مختلطا لم يسلم في القبر من عذاب كان في الآخرة معذبا، وليس يكون في المسلمين مذنب يداني قوم فرعون، فإذا كانوا لا يرادون على العرض على النار وجوبا أن يكون عذاب المسلم المخلط دون ذلك أيضا بدرجات كثيرة والله أعلم.
ولم يعلمن أهل السنة خلافا. إن عذاب القبر حق، وإنما تكلم الناس في كيفية التعذيب وفيما يصل إليه العذاب من الشخص المعذب، وإلا ظهر أن السؤال والتعذيب لا تكون إلا مع الأحياء.
وقيل في الاحتجاج لهذا أن الله تعالى أخبر عن الكفار، وأنهم يقولون يوم القيامة