{ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين، فاعترفنا بذنوبنا، فهل إلى خروج من سبيل} وأنهم أرادوا بإحدى الأماتتين. الموت المعروف، وبالأمانة الثانية الموت بعد الأحياء في القبر للسؤال والتعذيب. وبإحدى الإحيائين، الأحياء في القبر للسؤال والتعذيب، وبالأحياء الثاني الأحياء يوم القيامة.
فإن قيل: فإن من تعذب غدوا وعشيا يجيء كل غدو وعشي، وهذا يزيد على الرب فضلا عن اثنتين.
قيل له: قد قال بعض العلماء في ذلك أن الأحياء في القبر إنما يكون لأدنى جزاء يحتمل الحياة والعقل، فإن كان ذلك كما قاله هؤلاء فلا حرر من أولى، فهذا الحكم من القلب الذي كان من قبل أن يموت ينبوع حياته، ومحل عقله وفهمه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن في الجسد لمضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) فيسيل ويعذب بم يشاء ويعذب أن كان أهلا للتعذيب، ويكرم إن كان أهلا للتكريم، ثم لا يمات ما دام الله يريد تعذيبه، وإنما يمات إذا رفع العذاب عنه إلى يوم القيامة، فلا يكون الموت على هذا أكثر من اثنين والله أعلم.
ومن قال هذا، قال: قد يجوز أن يكون قوم نوح اغرقوا ببعض البحار، والبحر نار يوم القيامة، فعل ما غرقوا فيه جفت عليهم نارا، فصلتهم قبل النيران لا قبل المياه والله أعلم.
ولا أعلم لهذا القائل في تخصيصه بعض أجزاء الميت بالأحياء غرضا صحيحا، فإن كان إنما فرضى أن جميع الميت إذا أحيي، فلا يخلو من أن يترك حيا، ما دام الله يريد تعذيبه. أو يحيي كلما عذب وأميت، فإن نزل حيا فلا فرق، وإذا بين المقبور بين المنشور، وإنما هو كالذين على ظهر الأرض، إلا أنه لا يطعم ولا يشرب. وإن أحيي ثم أميت ثم أحيي ثم أميت، لم يكن هذا اماتتين ولا إحياءين. ولكنه يبلغ عددا أكثر لا يحصيه إلا الله جل ثناؤه.
فهذا كله في البعض موجود، ولأنه إذا أحيى منه أقل خبر يحتمل الحياة والعقل، لم