والثاني: اعتقاد أنه محسن إلى عباده بنعم متفضل عليهم.
والثالث: أن الإحسان الواقع منه اكبر وأجل من أن يقضي قول العبد وعمله، وإن حسناً وكثرا شكره.
والرابع: أن لا يستقل العبد قضاياه ولا يستكبر تكاليفه.
والخامس: أن يكون في عامة الأوقات مشفقاً وجلاً من إعراضه عنه، وسلبه معرفته التي أكرمه بها، وتوحيده الذي حلاه وزينه به.
والسادس: أن تكون آماله معقودة به، ألا ترى في حال من الأحوال أنه غني عنه.
والسابع: أن تجمله يمكن هذه المعاني في قلبه، في أن يديم ذكره بأحسن ما يقدر عليه.
والثامن: أن يحرص على أداء الفرائض والتقرب إليه من نوافل الخير بما يطيقه.
والتاسع: أنه إن سمع من غيره بني عليه، وعرف منه تقرباً إليه، وجهاداً في سبيله سراً وعلانية مالاه وولاه.
والعاشر: أنه سمع من أحد ذكراً له بما يجل عنه، أو عرف عنه عناء عن سبله شراً وعلانية فأنبه وناوأه، فإذا استجرت هذه المعاني في قلب أحد فاستجماعها من المشار إليه باسم محبة الله تعالى جده وهي إن لم تذكر مجتمعة في موضع، فقد جاءت مفرقة عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن دونه.
فما جاء عنه صلى الله عليه وسلم مما رواه عنه ابن عباس رضي الله عنه فإنه قال:"أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة" وهذا يحتمل أن يكون عاملا بالأنعمة كلها، وأن يكون اسم الغذاء في الطعام والشراب حقيقة، ولما عداهما من التوفيق والهداية ونصب أعلام المعرفة، وخلق الحواس والعقل مجازاً، ويكون جميع ذلك بالاسم مراداً.
فقد جاء في بعض الأخبار- وقد رويناه- ثلاث من كن فيه، وجد حلاوة الإيمان" وفي بعضها "طعم الإيمان جازت تسميته غذاء" فيدخل الأيمان وجميع نعم الله في هذا الحديث والله أعلم.