والدنيا وفي الآخرة فأدخله الجنة، وإن ساهل نفسه واتبع الشهوات سلبه الإيمان وأدخله النار.
قيل: وقد يجوز أن يكون عند الله تعالى أن العبد إن سأله خيرا من خير الدنيا والآخرة أتاه إياه، وإن لم يسأله لم يؤته، وأنه إن استعاذ به من النار أعاذه، وإن لم يستعذ به منها لم يعذه. فينبغي لهذا أن يدعوه.
ويقال له: أليس الله تبارك وتعالى، قد قدر الأعمال والآجال والصحة والسقم فما فائدة التداوي من الأمراض؟.
فإن قال: قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوي. قيل له: قد أمر الله بالدعاء، وأنه قال يجوز أن يكون عند الله تعالى في بعض المرضى أنه إن تداوى سلم فعاش، وإن أهمل أمره أفسده المرض فهلك.
قيل: ويجوز أن يكون عند الله أن بعض المرضى إن دعاه وسأله العافية أو دعا وسأل له عزة عافاه. وإن لم يدع لنفسه ولا دعا غيره أهلكه، فليحسن الدعاء بمثل ما أحسن له الدواء وبالله التوفيق.
فصل
إن سأل سائل: عن قول الله عز وجل: {ادعوني استجب لكم} وقال: قد يدعي فلا يستجيب، فما وجه هذا؟
قيل: أمره جل جلاله بالدعاء للإجابة كالأمر بالتداوي للعافية، وخلقه الدواء لإماطة الداء ثم قد يتداوى فلا تكون العافية، وقد يتداوى من الداء بدوائه فلا يزول، ولا سؤال يؤخذ هناك فكذلك هاهنا.
ونقول: معنى قوله جل ثناؤه ادعوني استجب لكم، أي بحسب نظري لكم ورحمتي لكم، لا بحسب أهوائكم وأمنيكم، صحت أو فسدت وخفت أو بطلت لأن هذه الآية غير مفردة في القرآن عن أخرى فيها بينا بها، وهو قوله عز وجل:{ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض} وقوله: {ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير،