قومك أوح على لسانك" فلما قام أطلق الله لسانه بالوحي. وقال: يا سماء أسمعي ويا أرض انصتي، فإن الله عز وجل يريد أن يقبض شأن بني إسرائيل فذكر معاتبة الله إياهم إلى أن قال "وزعموا أنهم لو شاءوا أن يطلعوا على الغيب بما توحي إليهم الشياطين اطلعوا، وكلهم يستخفى بالذي يقولونه، وهم يعلمون أني أعلم غيب السموات والأرض، واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون، وإني قضيت يوم خلقت السموات والأرض فيما اتيته وصححته على نفسي وجعلت دونه أجلاً واقعًا، فإن صدقوا بما ينتحلون من علم الغيب فليتخيروا مني أبعده، وفي أي زمان يكون، وإن كانوا يقتدرون على أن يأتوا بما يشاءون، فليأتوا بمثل القدرة التي اقضيت، فإني مظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وإن كانوا يقدرون على أن يؤلفوا ما شاءوا، فليؤلفوا مثل الحكمة التي أدبر ذلك العصر كانوا صادقين. فإني قضيت يوم خلقت السموات والأرض، أي اجعل النبوة في الآراء، واجعل الملك في الرعاة، والعز في الأذلة والقوة في الضعفاء والغنى في الفقر، والثروة في الإملاء، والمدائن في الفلوات، والآجام في المفاوز، والبردي في الغيطان، والعلم في الجهلة، والحكم في الأميين، فسلهم متى هذا، ومن القائم بهذا؟ وعلى يد من أسبب؟ ومن أعوان هذا الأمر وأنصاره، وإن كانوا يعلمون فإني سبقت كذلك نبيا أميا أعمى من عميان، ضالاً من ضالين، وليس فقط غليظ، ولا صحاب في الأسواق، ولا يبر من الفحش، ولأقوال للخنساء، أسدده بكل جميل، وأهب له كل خلق كريم. أجعل السكنية لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه أهدى بعد ضلاله، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، واسموا بعد النكرة، وأكبر به بعد القلة، وأتمنى به بعد الصلة، وأجمع به بعد الفرقة، وألف به بين قلوب مختلفة، وأهواء مشتتة، وأمم متفرقة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر. وتوحيدًا إلى وإيمانًا بي وإخلاصًا يصلون لي قيامًا وقعودًا، وركعا وسجدًا، ويقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا، يخرجون من أموالهم ابتغاء رضوان الوفاء، إلهمتهم التكبير والتحميد والتوحيد والتسبيح والتحميد في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، يكبرون ويهللون ويقدسون على رؤوس الأشراف، ويظهرون إلى