وذكر المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خرج مع بني مالك إلى المقوقس، فقال لهم: كيف تخلصتم إلى طائفيكم ومحمد وأصحابه بيني وبينكم؟ قالوا: أتينا البحر وقد خفناه على ذلك. قال: فكيف صنعتم؟ فيما دعاكم إليه؟ قالوا: ما تبعه منا رجل واحد. قال: ولم ذاك؟ قالوا: جاءنا بدين لا يدين به الآباء ولا يدين به الملك. ونجز على ما كان عليه آباؤنا. قال: فكيف صنع قومه؟ قالوا: تبعه أحزابهم وقد ناظر من خالفه من قومه، وغيرهم من العرب في مواطن تكون عليهم الدائرة مرة، وتكون له مرة. قال: ألا تخبرونني وتصدقونني، إلى ماذا تدعون؟ قالوا: ندعو إلى الصلاة والزكاة. قال: وما الصلاة والزكاة؟ ألهما وقت يعرف، وعذر ينتهي إليه؟ قالوا في اليوم والليلة خمس صلوات كلها لمواقيت، وعدد قد سموه له، ويؤدون من كل ما بلغ عشرين مثقالاً نصف مثقال، وكل إبل بلغت خمسًا شاة، وقال: حتى أخبروه بصدقات الأموال كلها. قال: أفرأيتم إذا أخذها، أين يضعها؟ قالوا يردها على فقرائهم، ويأمر بصلة الرحم والوفاء بالعهد ويحرم الزنا والخمر، ولا يأكل ما ذبح لغير الله. قال: هو نبي مرسل إلى الناس كافة، ولو أصاب القبط والروم تبعوه، وقد أمرهم بذلك عيسى بن مريم، وهو الذي يصفون، بعث به الأنبياء من قبله، وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد، ويظهر دينه إلى منتهى الخف والحافز، ومنقطع البحور ويوشك قومه يدافعونه بالراح، قال: فقلنا لو دخل معه الناس كلهم ما دخلنا معهم. قال: ما يغض رأسه، وقال: أنهم في الملعب، ثم قال: كيف نسبه في قومه؟ قلنا: هو أوسطهم نسبًا. وقال: وكذلك المسيح والأنبياء تبعث في نسب قومها. قال: فكيف صدق حديثه؟ قلنا: ما يسمى إلا الأمين من صدقه. قال: انظروا في أمركم أترونه بصدق فيما بينكم وبنيه، وتكذب على الله. قال: فمن اتبعه؟ قال: الأحداث. قال: هم أحداث الأنبياء قبله. قال: فما فعلت يهود يثرب، فهم أهل التوراة، قلنا خالفوه، فأوقع بهم، فقتلهم وسباهم وتفرقوا في كل وجه. قال: هم قوم حسد حسدوه أما أنهم يعرفون من أمره مثل ما نعرف. قال المغيرة: فقمنا من