للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فما معنى هذا التشبيه؟ قيل: معناه إن الله عز وجل أخبر أن الملائكة قالت في بيت إبراهيم مخاطبة لسارة:} رحمة الله وبركاته عليكم، أهل البيت إنه حميد مجيد {. وقد علمنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم من أهل بيت إبراهيم، وكذلك آله كلهم. فمعنى قولنا: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين أي أجب دعاء ملائكتك الذين دعوى لآل إبراهيم فقالت: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت في محمد وآل محمد. كما أجبته في الموحدين كانوا يومئذ من أهل بيته أيضًا، وكذلك تختم هذا الدعاء بقول: "إنك حميد مجيد" فإن الملائكة ختمت دعاءها بقوله "إنه حميد مجيد" وليس في هذا ما يقصر بمحمد عن إبراهيم وبالله التوفيق.

فإن قال قائلون: لم تفضلون محمد على موسى وقد جاء عنه إنه لا تفضلوني على موسى لئلا يحمل ذلك اليهود على الرفعة فيه، فيكون ذلك مما عرضه له المسلمون وجروه إليه. وهو كقول الله عز وجل:} ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم {. يدل على ذلك قوله:} ولو كان موسى حيًا ما وسعه إلا إتباعي {. فإن قيل: فلم تفضلونه على يونس، وقد قال:} لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى {.

قيل معناه: ليس لأحد أن يفضل نفسه على يونس، وهذا لأن الله عز وجل أخبر عنه أنه اتق وأنه هب مغاضبًا، وأنه لم يصبر على ما ظن أنه يصبه من قومه فقد كان يمكن أن يتوهم متوهم إذا وجد صابرًا على ما يصيبه في ذات الله، قوي العزم على مجاهدة أعداء الله أنه خير من يونس. فأبان النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا ينبغي لأحد أن يقوله، لأن يونس كان نبيًا، وغير النبي لا يكون خيرًا من النبي، فهذا معنى الحديث والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>