وإذا ظهر أن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان. وبينا ما جمع الله له من المحامد والمحاسن التي هي الدواعي إلى محبة اعتقاد مدائحه وفضائله والاعتراف له بها، والولوع بذكرها، وإكثار الصلوات عليها. وخصوصا في الليلة الغراء، وباليوم الأزهد كما جاء ذلك من أمره ولزوم طاعته، والحرص على إظهار دعوته، وإقامة شريعته، والتسبب إلى استحقاق شفاعته، والمقام مع البعد من زمانه على الحال التي كان ينبغي أن يستحي منه، أو كان المقام عليها يصرف عينه، والفرح باللون من أمته، ومستحي دعوته، وإدمان التلاوة للقرآن الناطق بحججه. فمن فعل ما ذكرنا وما يتصل به من أمثاله فقد أحبه.
ويدخل في جملة حبه صلى الله عليه وسلم حب آله وحب أهل بيته الذين حرمت عليهم الصدقة، وأوجب لهم الخمس لمكانتهم. فإن الله تبارك وتعالى ألحقهم بهم، وميزهم على غيرهم، فاقتضى ذلك أن يعرف العباد حق هذه الرفعة والرتبة، ويحبونهم بحب النبي صلى الله عليه وسلم، كما أكرمهم الله تعالى بكرامته، وصان أقدارهم كما صان عنه قدره، وعوضهم عما حرمهم مثل ما عوضه. ويتبع ذلك حب صحابته لأن الله جل ثناؤه أثنى عليهم ومدحهم فقال:} محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل، كرزع أخرج شطأة فآزره فاستغلظ فاستوي على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرًا عظيمًا {. وقال} لقد رضي عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا {.
وقال:} والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا ذلك الفوز العظيم {. وقال} والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقًا لهم مغفرة ورزق كريم}.