وعلو الرتبة كلها لله، أي هو مستحقها لا يليق بأحد سواه. فإن قلت: اللهم صلي على محمد، فإنما يراد به اللهم عظم محمدًا في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإيتاء شريعته. وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وإجراء أجره ومثوبته وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كلمة النبيين في اليوم المشهود. وهذه الأمور وإن كان الله تعالى قد أوجبها للنبي صلى الله عليه وسلم واحد من أمته، فاستجيب دعاؤه فيه، إن يراد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الدعاء في كل شيء مما سميناه رتبة ودرجة، فلهذا كانت الصلاة عليه مما يقصد به قضاء حقه ويتقرب بإكبارها إلى الله عز وجل فيدل على أن قولنا: اللهم صلي على محمد صلاة منا عليه إنا لا نملك اتصال ما يعظم به أمره، ويعلو به قدره إليه. وإنما ذلك على الله تعالى، فيصح إن صلاتنا عليه الدعاء له بذلك، وابتغاؤه من الله عز وجل، ويبين بذلك أن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:} خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها، وصل عليهم إن صلواتك {. فجاءه ابن أبي أو في بصدقة قال: اللهم صلي على ابن أبي أوفى فكانت عليه دعاؤه به أن يصلي عليه إن كان ذلك أكثر مما ملكه والله أعلم.
وقد تكون الصلاة على رسول الله وجه آخر وهو أن يقال: الصلاة على رسول الله كما يقال: والسلام على فلان، وقد قال الله عز وجل:} أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة {ويقال: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، فإذا جاز هذا، جاز أن يقال: الصلاة على رسول الله أي الصلاة من الله عليه، والله أعلم.
ووجه هذا أن التمني على الله سؤال، ألا ترى أنه يقال: غفر الله لك ورحمك الله، فيقوم ذلك مقام: اللهم اغفر له واللهم ارحم، ويقال للمريض وهب الله لك العافية، وشفاك الله، فيقوم ذلك مقام اللهم اشفه، اللهم هب له العافية، وكذلك الصلاة على فلان، وصلى الله على فلان، تقوم مقام: اللهم صلي عليه، والله أعلم.
وأما التسليم، فهو أن يقال: السلام على النبي والسلام عليك أيها النبي، والسلام عليك يا رسول، وفي الصلاة أن يقال: سلم عليك أيها النبي، لا يعني ذلك عن تحديد الصلاة عليه بعد التشهد، ولو أخر السلام إلى وقت الصلاة، فقال: اللهم صلي على محمد