ولا يعني ذلك عن السلام عليه في التشهد، ووقني السلام عليك، اسم السلام عليك، والسلام من أسماء الله، فكان يقال: اسم الله عليك، وتأويله لا خلوت من الخيرات والبركات، وسلمت من المكاره والمذام، إذ كان اسم الله تعالى إنما يذكر على الأعمال توقعًا لاجتماع معاني الخيرات والبركات فيه، وابتغاء عوارض الملك، والفساد عنه.
ووجه آخر، وهو أن يكون معناه: لكن قضى الله عليك السلام، وهو السلامة، كالمقام والمقامة، والملام والملامة والمكانة، والمذام والمذامة، أي سلمك الله من المذام والنقائص. وإنما قيل هذا السلام عليك، ولم يقل: السلام لك، لأن المعنى قضى الله بهذا، وقضى تعالى، إنما يتقدم في العبد من قبل الملك والسلطان الذي له عليه، فكان قولهم: قضى الله عليك بالسلامة أشبه من أن يقال، قضى الله لك بها، وإن كان ذلك ناقصًا لو قيل جايز والله أعلم.
فإذا قلنا: اللهم سلم على محمد، فإنما نريد: اللهم أثبت لمحمد في دعوته وأمته تكابرًا وذكره ارتفاعًا، ولا يعارضه ما يؤخر له أمرًا بوجه من الوجه والله أعلم.
وأما الترحم، فقل ما جاءتا بيانه في الحديث، وهو ارحم محمدًا أو ترحم على محمد، والرحمة تجمع معنيين: أحدهما إزاحة العلة، والآخر: الإبانة بالعمل. وهو في الجملة غير الصلاة، ألا ترى أن الله عز وجل قال:} أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة {ففصل بينهما.
وجاء عن عمر رضي الله عنه: ما دل على انفصالهما عنده، وهو قوله: ونعم العبد لا ونعمت الصلاة، فعين بالعبد، لأن الصلاة والرحمة بالعلاوة} وأولئك هم المهتدون {وقيل في تفسير قوله:} أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة {، أنها كشف الكربة وقضاء الحاجة. وقوله عز وجل:} وأولئك هم المهتدون {. يريد وأولئك هم المصيبون طريق الحق دون من خالفهم، فجزع عن المفقود وبالسخط المعبود. وهذا الذي فسرت الرحمة به من أنها كشف الكربة وقضاء الحاجة لأن الكرب إذا استولى