للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على النفس قد يعجز عن كثير من الأعمال لأنه يدخل وينس، كما أن فراغ القلب يغفل خلاف ذلك والله أعلم.

وأما المباركة فإنها فعل الله تعالى، وإنما يكون منا لتبريك، وهو أن يقول: اللهم بارك على محمد. واصل البركة الدوام. وهو من يبرك البعير إذا نهج في موضع يلزمه، وقد يوضع موضع النماء والزيادة، وأصلها ما ذكرنا، لأن تزايد الشيء يوجب دوامه. فإن الماء إ ذا انصب إلى واد وتتابعت بعد ذلك إمداده، قيل: قد دام. وقد قال الله عز وجل: فيما وصف به الجنة:} أكلها دائم {وإنما أراد سابغ لا تنقطع إمداده. وقد يوضع أيضًا موضع اليمن، ولا ذلك يخالف الأصل الذي ذكرنا، لأن البركة إذا أريد بها الدوام، فإنما يستعمل ذلك فيما يراد ويرغب في ثنائه، لا فيما يكره ويستعجل بثنائه. ألا ترى أنهم يقولون: فلان مبارك في عمله وماله وولده، إذا كان ما كثر له من ذلك باقيًا عنده، ولا يقولون: فلان مبارك في جهله وضره إذا كان ما عرض له ذلك لا يزايله، فلا ينكر على هذا أن يقال للميمون مبارك، بمعنى أنه محبوب ومرغوب فيه والله أعلم.

فإذا قلنا بارك على محمد، فالمعنى اللهم أدم ذكر محمد ودعوته وشريعته وكثر أتباعه وأشياعه، وعرف لقيه من يمنه وسعادته، أن يسبغه فيهم ويدخلهم جناتك ويحلهم دار رضوانك، فيجمع التبريك عليه والدوام والزيادة والسعادة وبالله التوفيق.

فصل

إن سأل سائل: عن آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، من هم؟

قيل له: آله قرابته الذين أوجب لهم خمس الخمس، وحرمت عليهم الصدقات المفروضات

فإن سأل سائل: عن الدليل على ذلك، قيل له: روينا إن فتيانًا من بني الحارث بن عبد المطلب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا استعملنا على الصدقات نصيب ما تصيب الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، ولكن انظروا إذا أخذت بخلقه الجنة، هل أوثر عليكم غيركم). وفي حديث قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>